المسعى هو في الأصل طريق أو شارع شرق المسجد الحرام، يحده الصفا جنوبا والمروة شمالا. والصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد. وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى عند أداء نسك الحج أو العمرة بالسعي بين الصفا والمروة سبعة أشواط بادئين بالصفا، فمن الصفا إلى المروة شوط، ومن المروة إلى الصفا شوط آخر، وهكذا سبعة أشواط منتهين بالمروة. وجبل الصفا واقع أسفل جبل أبي قبيس مما يقابل ركن الحجر الأسود من الكعبة ومنه يبدأ السعي، أما المروة فهي واقعة جهة المدعى وإليها ينتهي السعي وجبلها يقع في أصل جبل قعيقعان. ويعد السعي بين الصفا والمروة من الأمور التعبدية التي أوجبها الله سبحانه وتعالى علينا في محله المخصوص ولا يجوز العدول عنه. لقد كان المسعى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عريضا، ثم بنيت بعض الدور بعد ذلك في بعض عرض المسعى القديم، وقد كان في بداية الأمر على الصفا والمروة درج بناه عبدالصمد بن علي بن عبدالله بن العباس عامل أبي جعفر المنصور على مكةالمكرمة، وقد كانت 12 درجة على الصفا و15 درجة في المروة، وكان في المروة عقد بمثابة علم يحدد المروة وكذلك كان على الصفا عقد أيضا، وكان يصعد إليها بدرج، وتاريخها يعود إلى ما قبل القرن الثالث الهجري. وفي إصلاح منطقة المسعى في عهد الملك سعود يرحمه الله هدم عقد الصفا العام 1377ه وبنيت درجات من الأسمنت المسلح للصعود ودرجات للهبوط، طول المسافة بين الصفا والمروة (375 مترا) وذلك حسب قياس الخطاط محمد طاهر كردي بنفسه بعد التوسعة السعودية للمسجد الحرام التي كان المسعى من ضمنها. وكانت أرضية المسعى غير مستوية ومكان الرمل بين العلمين كان منحدرا يجبر الساعي على الإسراع، وحينما سويت أرضية المسعى أصبح من الضروري الاهتداء بالعلمين في مكان الرمل لأنه عمل تعبدي. والميلان الأخضران اللذان في المسعى وضعا للعلامة على طلب الهرولة بينهما في السعي ذهابا وإيابا. ثم في العام 1366ه أمر الملك عبدالعزيز، رحمه الله، بتجديد سقيفة المسعى بصفة فنية محكمة بعرض 20.5 متر وفرش المسعى لأول مرة في تاريخه بالحجارة في عهد الملك عبدالعزيز رحمه الله العام 1345ه وذلك منعا للضرر من الغبار الذي كان يؤذي الساعين وأصحاب الدكاكين حول المسعى. لقد تم تعمير المسعى من أرضه إلى سقفه بالأسمنت المسلح كاملا وبصورة جمالية في عهد الملك سعود يرحمه الله. وزاد الاهتمام بالمسعى خلال العهد السعودي الزاهر نتيجة لزيادة أعداد الحجاج والمعتمرين، وما توليه المملكة من رعاية واهتمام بالحرمين الشريفين، ففي عهد الملك سعود تم بناء الطابقين الأول والثاني من المسعى؛ أما في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، فقد وسعت منطقة الصفا في الطابق الأول، كما أضيفت أبواب جديدة في الطابقين الأرضي والأول، للدخول والخروج من جهة المروة، وتوفير وسائل التكييف والراحة للحجاج والساعين فهو امتداد للمفخرة الكبرى لتوسعة المسجد الحرام التي وفق الله خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله لإنجازها. ونظرا لتزايد أعداد الحجاج والمعتمرين بشكل ملموس مقارنة بالفترات الماضية، فقد أمر الملك عبدالله بن عبدالعزيز في العام 2008م بتوسعة المسعى بما لا يتجاوز الحدود الشرعية له، فتضاعف عرض المسعى ليصل إلى 40 مترا، وبلغ عدد الطوابق أربعة طوابق، بمساحة إجمالية تجاوزت 87 ألف متر مربع، بعدما كانت المساحة الإجمالية لا تتجاوز 29 ألف متر مربع. وتوفر توسعة الملك عبدالله للمسعى ثلاثة أدوار وأربعة مناسيب للسعي، تتصل مباشرة بأدوار التوسعة السعودية الأولى للمسجد الحرام، فيما يرتفع دور سطح المسعى الجديد عن أدوار الحرم الحالي، ويتم الوصول إليه عن طريق سلالم متحركة ومصاعد، إضافة إلى ثلاثة جسور علوية. كما اشتمل المشروع على توسعة منطقتي الصفا والمروة بشكل يتناسب مع التوسعة العرضية والرأسية، وركبت أربعة سلالم كهربائية جديدة من جهة المروة، لتسهيل الحركة إلى خارج المسعى، كما اشتملت التوسعة الجديدة على ممرات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة من ذوي الإعاقات الحركية، إضافة إلى توفير مناطق للتجمع عند منطقتي الصفا والمروة، كما بدئ البناء في مئذنة جديدة بارتفاع 95 مترا، ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى.