منذ سعي هاجر عليها السلام بين الصفا والمروة، وخطوات الحجاج والمعتمرين تتوالى في إيقاع إيماني يتواصل يوماً بعد يوم، راسماً معنى إيمانياً بالغ الطهارة لا يكتمل الحج والعمرة إلا بالسعي بين الصفا والمروة. ومنذ فجر الإسلام والمسلمون يتبعون هدى النبي صلى الله عليه وسلم في السعي بينهما منذ ذلك الحين شَرُفَ المسلمون بخدمة ضيوف الرحمن، ليتمكنوا من أداء مناسكهم بيسر وسهولة كما شرع ربهم جل وعلا. ففي عهد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، تمت أول عملية ترصيف للمسعى بحجر الصوان حماية للحجاج والمعتمرين من الغبار والأتربة عام 1344 ه ، كما تمت إعادة طلاء وترميم الأبواب المحيطة بالمسعى، إضافة إلى تجديد سقف المسعى حماية لزوار بيت الله من الشمس وحرارتها. وفي عهد الملك سعود رحمه الله شُرع في بناء الطابق الأولى والثاني من المسعى، تنفيذاً لرؤية الملك المؤسس رحمه الله. أما في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، فقد تمت توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول، إضافة إلى هدم وإزالة بعض المباني حول منطقة المروة وأصبحت المساحة 375 متراً مربعاً بزيادة تقارب 130 متراً عن المساحة السابقة. وعلاوة على ذلك، أُضيفت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة. وقد ساهمت التسهيلات التي تزداد يوماً بعد يوم ووسائل النقل الحديثة بشكل واضح بتضاعف أعداد الحجاج والمعتمرين عاماً بعد عام حيث تشير التوقعات إلى أن عدد زوار بيت الله الحرام سيتجاوز 15 مليون زائراً سنوياً. وحتى يكمل الملايين منهم أحد أركان الحج والعمرة سيحتاجون إلى السعي بين الصفا والمروة لإتمام حجهم أو عمرتهم في مسافة 375 متراً بين الجبلين ما يعني أن ملايين الزوار سيسعون بين الصفا والمروة في ظروف مناخية مختلفة، وفي مساحة محددة. وانطلاقاً من رغبة المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن، جاءت أوامر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتطوير المسعى بوقت قياسي لم يتجاوز السنتين، ليسهل على ضيوف بيت الله أداء نسكهم في أجواء روحانية، وفي طراز معماري فريد، يراعي عظمة المكان، وحرمة المشاعر، وسلامة الحجاج والمعتمرين، وحاجات الزوار المختلفة، حتى يؤدوا نسكهم في راحة وطمأنينة، وليعودوا بذكرى إيمانية لا تفارق أذهانهم. طراز معماري فريد، يراعي عظمة المكان، وحرمة المشاعر، وسلامة الحجاج والمعتمرين نفذت أعمال البناء في توسعة المسعى في وقت قياسي باستخدام أحدث تقنيات وأنظمة البناء الحديث. تعتبر توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمسعى المسجد الحرام أكبر توسعة يشهدها المسعى في تاريخه، في مشروع متميز يهدف إلى تسهيل مناسك الحجاج والمعتمرين مراعياً الاعتبارات الشرعية والجغرافية. وجاءت التوسعة الجديدة لتضاف إلى إنجازات سابقة فقد زاد عرض المسعى الكلي إلى الضعف، فبعد أن كان عرض المسعى 20 متراً تمت توسعته ليصل إلى 40 متراً، مستغلاً المساحات الملاصقة للحرم، وبلغ عدد الطوابق 4 طوابق، بمساحة إجمالية تجاوزت 87 ألف متر مربع، بعد أن كانت المساحة الإجمالية تقارب 29 ألف متر مربع، أي بزيادة تجاوزت 43 ألف متر مربع قبل التوسعة. فيما تبلغ مسطحات البناء الإجمالية بكافة الأدوار لمناطق السعي والخدمات حوالي 125 ألف متر مربع. وهو ما يعني بالتأكيد تخفيف الازدحام بشكل ملحوظ، وبالتالي ضمان سلامة الحجاج والمعتمرين. اهتمام كبير بأدق التفاصيل: يوفر هذا الإنجاز الكبير لزوار بيت الله الحرام 3 أدوار و 4 مناسيب للسعي تتصل مباشرة بأدوار التوسعة السعودية الأولى للحرم فيما يرتفع دور سطح المسعى الجديد عن أدوار الحرم الحالي، ويتم الوصول إليه عن طريق سلالم متحركة ومصاعد. إضافة إلى 3 جسور علوية، وممر للجنائز من قبو المسعى إلى الساحة الشرقية عبر منحدر ذو ميول مناسبة لتوفير الراحة. ولأن خدمة ضيوف الرحمن لا حدود لها، فقد اشتمل المشروع على توسعة منطقتي الصفا والمروة بشكل يتناسب مع التوسعة العرضية والرأسية، وتركيب 4 سلالم كهربائية جديدة من جهة المروة، لنقل الزوار خارج المسعى، حتى يتمكن الحجاج والمعتمرون من الخروج بيسر بعد الفراغ من نسكهم وتؤمن التوسعة الجديدة ممرات مخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى توفير مناطق للتجمع عند منطقتي الصفا والمروة. كما بدأ البناء في مئذنة جديدة بارتفاع 95 متراً ليتناسب عدد المآذن وشكلها مع مساحة التوسعة الجديدة للمسعى.