حذر مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ من تجاوزات بعض الرقاة، وقال: «إن الشرع جاء بعلاج المريض بالقرآن عبر وضع يد الراقي في مكان الألم والنفث، لكن الإشكال في التطبيق غير الصالح، حيث يضع بعض الرقاة المخالفون أيديهم على جسد المرأة بحجة الرقية»، مبينا خشيته من تحول الرقية إلى وسيلة للشر عند بعض الرقاة. وبين أن من أخطاء بعض القراء والرقاة ادعاؤهم استطاعة تحديد المرض إن كان سحرا أو عينا أو غير ذلك، وكذلك الخلوة بالمرأة وحدها، مدعيا أنه لو اختلى بها قرأ عليها قراءة مركزة أكثر من أن يقرأ عليها غيره. وأكد سماحته أن حل السحر بمثله لا يجوز، لافتا إلى أن الأصل محاربة السحرة وعدم إقرارهم أو إبقائهم أو التستر عليهم، بل طردهم.. فإلى التفاصيل: نعلم أن خشية الله بالغيب من علامات الصدق في الإيمان، نريد من سماحتكم تعليقا على ذلك. (أبو ياسر) الجواب: يقول الله تعالى (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير)، خشية الله في الغيب دليل على قوة الإيمان لأنه يعلم أن الله مطلع عليه ويعلم سره وعلانيته، هذه علامة صاحب الإيمان الصادق الذي يخشى الله في سره وعلانيته لا كحال المنافقين (إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون) المؤمن على طريقة واحدة في سره وعلانيته، فكما يؤدي النوافل في مرأى الناس فهو يؤديها في منزله، وكما يجتنب المنكرات أمام الناس فهو أيضا يجتنبها أيضا في محله وخلوته، لأنه يخشى الله في سره وعلانيته، وهذا من الإيمان بالغيب (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون)، إن خشية الله في السر دليل على قوة الإيمان، ولهذا في حديث السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، ذكر منهم «ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه»، أي ذكر الله وعلمه وعلم اطلاعه وآلاءه وعقابه وثوابه فبكى خوفا من الله وطمعا في ثوابه، وفي الدعاء النبوي: «اللهم إني أسالك خشيتك في الغيب والشهادة» أي أن أخشاك، رآني الناس أم غابوا عني، وقد ذم الله المنافقين الذين يعصون الله في خلواتهم (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان الله بما يعملون محيطا)، فخشية الله في الغيب تدل على قوة الإيمان لأنه يعلم أن الله يراه حضره الناس أم غابوا عنه، فهو يعامل الله سبحانه القائل (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) والقائل (قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله). ذنوب الخلوات ذنوب الخلوات التي زينتها شياطين الإنس والجن، ما هو العلاج الأساسي في مواجهتها؟ قوة الإيمان، إذا قوي الإيمان لديه استوى السر والعلانية فهو يعامل الله تعالى، ولا يعامل الخلق، قوة الإيمان تجعل عنده خوفا حقيقيا لا خوفا خياليا. الاستعجال في الصلاة يستعجل كثير من المصلين في قضاء ما فاتهم من الصلوات ولا يكون لهم نصيب في التسبيح والتهليل، فما نصيحتكم لهؤلاء؟ النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا أتينا الصلاة أن نأتيها وعلينا السكينة، فما أدركنا صلينا وما فاتنا قضينا، مع أن المطلوب منا الحرص على ألا يفوتنا شيء من الركعات وأن نهتم بإدراك تكبيرة الإحرام قدر المستطاع، لكن إذا صلينا فإنه سن لنا أذكارا بعد الصلاة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يحافظ عليها، وكان إذا سلم بقي مستقبل القبلة قدر ما يقول «أستغفر الله» ثلاثا، ثم يقول «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام»، ثم ينصرف إلى المأمومين ويقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد»، فإن كان في صلاتي الفجر والمغرب، قال: بعد ذلك: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» عشر مرات، ويقول: «اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك»، ويقول عقب الفجر والمغرب: «رب أجرني من النار» سبعا، ويقول عقب كل فريضة: «رب قني عبادك يوم تجمع عبادك» ثلاث مرات، ثم يقول «سبحان الله والحمد لله والله أكبر»، يعدها ثلاثا وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، ثم يقول تمام المائة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، من حافظ عليها غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، ثم يقرأ آية الكرسي، «من قرأها دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت»، ثم يقرأ (قل هو الله أحد) و(قل أعوذ برب الفلق) و(قل أعوذ برب الناس) فإن كان عقب الفجر والمغرب كررها ثلاث مرات، ينبغي على المسلم أن يحافظ على هذه الأذكار ويلازمها ففيها حياة القلوب وطمأنينة النفوس وتخفيف الأوزار والآثام. إذا أراد المسلم أن يتصدق بمائة ورأى غيره يتصدق بخمسمائة، فغير نيته وتصدق مثله، فهل له كأجر ذلك؟ (عبدالعزيز السلامة) الجواب: إن شاء الله له أجر الثانية، هو تأسى بمن قدموا الأكثر، وأرجو الله ألا يحرمه ذلك. كفالة اليتيم من مات والده بعد بلوغه ولم يترك له شيئا، فما نصيب من تكفل برعايته وكفالته حتى يغنيه الله من فضله، ونأمل منكم حث الجميع على هذا العمل النبيل؟ لاشك أن المسلم إذا رأى طفلا توفي أبوه وما خلف أبوه له شيئا فتكفل بالإنفاق عليه إلى أن يعي ويدرك فهذا أجر عظيم، هذه الكفالة الحقيقية، أن تكفله من صغره وتواسيه وتسد حاجته وتضمد جراحه وتنفق عليه، فأنت كافل اليتيم إن شاء الله. هجر القرآن يمر الشهر وأنا لا أمس المصحف، بسبب العمل، فهل أنا آثم على ذلك؟ (محمد الزهراني) ما دمت تحسن قراءة القران فاتق الله في نفسك ولا تهجر القرآن ولو كل أسبوع كل جمعة، أو كل ليلة ولو ربعا أو ثمنا، حاول في أي فرصة، لا تهجر القرآن، لأنه لما قال الله على لسان الرسول صلى الله عليه وسلم: (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا) قال بعضهم: «إن من هجر القرآن عدم تلاوته»، فيا أخي ما دمت تحسن التلاوة فاتق الله واقرأ القرآن وحاول أن تطبقه على نفسك وأن تقرأ القرآن ولو في الأسبوع مرة، وإن استطعت تخصيص جزء من وقتك كل ليلة ولو ثمنا في القرآن، فلا تفرط في ذلك. وإن اقتصر الأمر على الاستماع، هل أؤجر على ذلك؟ الاستماع خير ولاشك ودلالة على الإيمان، قال الله تعالى (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)، لكن مع الإنصات، وتلاوتك أفضل من سماعك. لي صديق يخبرني بأنه فعل معصية، ومعه صديق له آخر، توفي صديقه الذي فعل معه المعصية، ويسأل هل الاستغفار من الحي للميت ينفعه في قبره، وأن الحي نادم وتائب؟ إن شاء الله، يقول الله عن الأنصار ومن جاء بعدهم من المهاجرين، (والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) فاستغفر لإخوانك واسأل الله لهم المغفرة والتجاوز، وادع لهم بذلك وخذ عبرة من ذلك وتب، واستغفر لأخيك لعل الله أن يخفف عنه باستغفارك له ما حصل منه من أخطاء. الملصقات في الجدران هل إلصاق الملصقات في الجدران وفيها ذكر لله وحث على الاستغفار وتوضع على أماكن الانتظار، هل تجوز وهل يثاب فاعلها؟ أخشى أن تكون معرضة للإهانة ولا يهتم بها، وضعها فيه إشكال، الأذكار ينبغي حفظها أما وضعها كلافتات في الحيطان مع أنه يحف بها أمور ليست جيدة وتكون عرضة للإهانة وعدم المبالاة بها حتى لو رفعت، عدم المبالاة بها أمر خطير، ينبغي حفظ الألفاظ في صدورنا، وأما وضع اللافتات أرى تركه أولى. مخالفات الرقاة ما حكم الراقي الذي يضع يده في بطن المرأة وكذلك يسأل عن اسمها واسم أمها؟ (أم عبدالله) جاء في الحديث أنه إذا قرأ الراقي يقرأ على موضع الداء وينفث عليه، لكن الإشكال أن هذا التطبيق يطبق بشكل غير صالح، كونه يضع يده على بطن المرأة ويمرر يده يمينا ويسارا، هذا خطير وأخشى أن يكون وسيلة للشر، وكذلك سؤالها عن اسمها واسم أمها وزوجها، خطير يستعمله هؤلاء، يقولون إننا نستطيع أن نكتشف الحاسد والساحر وغير ذلك، كل هذا من أخطاء القراء، من أخطائهم أيضا الخلوة بالمرأة وحدها ودعوى أنه لو اختلى بها قرأ عليها قراءة مركزة أكثر من أن يقرأ عليها غيره، وهذه كلها أخطاء وتساهل في الأمور، ويقع بعض القراء في أمور نستنكرها بحسب ما نقل، وهي دلالة على قلة الحياء والخوف من الله، فالواجب تقوى الله وألا يجعلوا القراءة وسيلة إلى الشر والمعاصي. وما حكم الذبح لغير الله بقصد الشفاء؟ إذا ذبح للجن والشياطين بإيحاء من بعض الرقاة، هذا شرك أكبر، هذا تقرب لغير الله. حل السحر وما حكم حل السحر بسحر مثله، وما يسمى النشرة؟ لا يجوز ذلك، لأن الأصل أننا نحارب السحرة ولا نقرهم ولا نبقيهم، «حد الساحر ضربة السيف»، لا يجوز التستر عليهم ولا إقرارهم ولا إبقاؤهم بل طردهم، فإذا مكناهم معنى ذلك أقررناهم على باطلهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من أتى كاهنا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما»، واللفظ الثاني: «من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد». قراءة الفاتحة هل تجوز قراءة القرآن سرا مع الإمام في صلاة المغرب والعشاء والفجر؟ (خالد سيد) جاء في الحديث: «لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن»، حمله بعضهم على الإمام وقال إن المأموم ينصت لأن الله يقول: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون)، قال الإمام أحمد إنها في الصلاة، وبعضهم يقول إن الحديث عام، وإن كل مصل لابد له من قراءة الفاتحة، نقول إن تمكنت من قراءتها في سكتة الإمام فلا مانع، أما ما زاد فلا، استمع لقراءة الإمام ولو اكتفيت بسماع قراءة الإمام عن قراءتك فلا شيء فيه. تكرار المعصية هل من يكرر المعصية أكثر من مرة يعتبر عاصيا ومصرا؟ وكيف يتخلص من ذلك؟ لاشك أن تكرار المعاصي وعدم تركها يدل على رغبة العاصي فيها، ونخشى أن يكون مصرا عليها. في الحديث «لا كبيرة من الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار»، فمع الإصرار تتحول الصغيرة إلى كبيرة، فعلى المسلم الرجوع إلى الله والاستغفار وأن يقلع عن المعاصي ولعل الله أن يعفو عنه. التوبة من المعاصي ظلمت نفسي كثيرا، فماذا علي أن أفعل حتى يغفر الله لي؟ الله تعالى يقول في حث المؤمنين على التوبة والاستغفار: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون)، ويقول: (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما)، ويقول: (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون)، ويقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).