فجأة .. وبلا مقدمات منطقية أو سابق إنذار ارتفعت أسعار تأجير الشقق والفلل والوحدات السكنية بنسبة تصل إلى أكثر من 03 % طبقا لعاملين في حقل سوق العقار، فإن نسبة الزيادة في إيجارات العام الحالي راوحت بين 01 02 في المائة. وبرر الخبراء ذلك إلى ما أسموه ارتفاع تكاليف البناء والترميم، وزيادة أجور العاملين في إنشاء وإدارة المباني. في جدة على سبيل المثال، تأتي المنطقة المركزية الأكثر ارتفاعا في أسعار الإيجار، ويتوقع أن تشهد أسعار الشقق الواقعة في الأحياء الجنوبية والشرقية في جدة تراجعا طفيفا لأسباب محددة، أهمها أن الجنوب لم يعد مرغوبا فيه، كما كان الحال في السابق، خصوصا على خلفية أعمال الإزالة التي تحدث في المنطقة بين كل فترة وأخرى. مع هذه الأحوال غير المستقرة يتوقع عقاريون توقف بناء مشاريع الشقق السكنية لذوي الدخل المحدود، في ظل عدم ثبات أسعار مواد البناء وارتفاع أجور المقاولات، وغلاء أسعار الأراضي، حيث قفز سعر البناء من 95 إلى 130 ريالا للمتر الواحد كأجور مصنعية، ومن 380 إلى 480 ريالا للمتر الواحد مع مواد البناء. وبحسب تقديرات مجموعة من ملاك العقار فإن أسباب ارتفاع تكلفة البناء ترجع للتعديلات التي تصاحب عمليات البناء ونوعية التشطيب، حيث يضطر كثير من ملاك المباني إلى إعادة تقسيم مساحات الشقق، تجاوبا مع ارتفاع الطلب على الشقق لاسيما المكونة من ثلاث غرف، حيث يتم تأجيرها بسعر 20 ألف ريال. في المقابل، سكاaaن جدة لهم رأي آخر وتفسيرات عديدة للارتفاع المفاجئ في الأسعار، ووصفوا ذلك بأنه فاجعة لم يسبقها إنذار، يقول مقبول محمد مقبول الذي صادفته «عكاظ» في حي النسيم أثناء بحثه عن شقة، «اضطررت للخروج من شقتي التي أسكن فيها منذ خمس سنوات بسبب ارتفاع سعرها من 18 ألف ريال إلى 28 ألف ريال في أقل من عامين، وبصراحة الأمر لا يستحق العناء، فاضطررت للبحث عن شقة أخرى، لكني فوجئت بالوضع الماثل في السوق والارتفاع المهول في أسعار الشقق المستأجرة، يتراوح سعر الشقق في حي النسيم ما بين 27 ألف ريال حتى 40 ألفا، حسب حجم الشقة وتشطيبها، ولن أستطيع دفع المبلغ الذي يزيد كثيرا على إمكاناتي ودخلي الشهري». أما رامي العبدلي الذي يسكن في شقة صغيرة قريبة من حي النسيم بمبلغ 30 ألف ريال، فيقول إن راتبه الحالي لا يمكنه من تأمين المبلغ خاصة أن الأسعار ارتفعت فجأة من 20 ألفا إلى 30 ألف ريال، ويتساءل أليست هناك جهة رقابية على ملاك العقارات، لماذا تتركهم الجهات الرقابية، إن وجدت، يتحكمون على مصائر السكان بأمزجتهم. رمزي الزهراني قال إن مسكنه في حي الجامعة واستأجره مقابل 15 ألف ريال في بناية قديمة وزاد الإيجار في ظرف سنتين إلى 20 ألف ريال دون مبرر، «سبب بقائي في العمارة أن إيجارها زهيد مقارنة بمساكن أصدقائي وإخواني، وما يقلق سكان العمارة أن صاحبها بدأ يمهد لرفع السعر ويعمل على قياس نبض السكان قبل اتخاذ قراره المرتقب، وبالفعل وصلتنا معلومات من الحارس أن أمر زيادة قيمة الإيجار أصبح واقعا وحقيقة». يضيف الزهراني «ارتفع إيجار شقة أخي في حي الرحاب من 20 ألفا إلى 30 ألفا، أي بما يعادل 25 % في ظرف عامين، وعندما تحدث مع صاحب المبنى أجابه بتهكم وثقة إذا لم يعجبك الإيجار اشتك». من حي الوزيرية تحدث وليد باجنيد، وقال إنه يبحث عن شقة للتمليك في شرق جدة منذ أشهر واختار شقة في شهر محرم بسعر 650 ألف ريال، وعاد إليهم بعد ثلاثة أشهر ففوجئ بأن السعر قفز إلى 800 ألف ريال دون مبرر مقنع. تتجلى أزمة ارتفاع أسعار العقار بوضوح في عدة اتجاهات، أبرزها ارتفاع الإيجارات بنسب تتراوح بين 50 70 % في الأعوام الخمسة الأخيرة، مع زيادات غير مبررة في أسعار الأراضي يرجعها الخبراء إلى مضاربات وهمية بين المطورين العقاريين. وفي تحليل آخر يقف مهتمون بالشأن العقاري ليؤكدوا أن الأزمة في السوق العقارية مفتعلة إلى درجة كبيرة بدليل كثرة العروض لبيع العقارات دون وجود مشترين، وأيضا وجود اتفاقات جماعية تدعو إلى بقاء السوق متماسكة وثابتة بقدر المستطاع، حتى لو اضطر مالك العقار إلى إغلاق الشقة أو إيقاف بيع عقاره لمدة طويلة. بدأت مشكلة الإسكان في المملكة في 1395ه، مع بداية عصر الطفرة في السبعينيات، وانطلقت البلاد في حلها عبر عدة محاور مثل الإسكان العاجل، والإسكان الشامل، كما تولت الجهات الحكومية جزءا من المسؤولية بالتوسع في إنشاء إسكان لمنسوبيها، كما توسعت القطاعات العسكرية بإقامة مشاريع لمنسوبيها أيضا في مختلف المدن، حتى عام 1991م بلغ إجمالي تكلفة مشاريع الإسكان في مختلف المناطق نحو 126 مليار ريال، وبلغ عدد المشاريع المقامة في الرياض 39 مشروعا و 16 بمنطقة مكةالمكرمة و 17 بالمنطقة الشرقية. وفي الفترة من 2003 2006م شهدت سوق العقار تراجعا كبيرا في معدلات الإنجاز نتيجة تسرب غالبية الأموال إلى سوق الأسهم التي كانت تحقق أرباحا فاقت 100 %، إلا أنها سرعان ما تبخرت في فبراير 2006، ولم تكد السوق تتحرك قليلا ببعض المال القليل العائد من سوق الأسهم حتى ضربت السوق الأزمة المالية العالمية في 2008، وارتفع حجم التضخم في المملكة للمرة الأولى إلى 11 % نتيجة زيادة الإيجارات والأغذية بالدرجة الأولى، وأدى غياب آلية تنظم سوق الإيجار إلى موجات متتالية من الارتفاعات في الإيجارات في السنوات الخمس الأخيرة مما ساهم في تفاقم معاناة المواطنين. في المنطقة الشرقية ذكر غازي الأزوري، عقاري، أن الطلب على العقار في الخبر تركز على المباني السكنية، مما أدى لارتفاع أسعارها، مبينا أن ارتفاع أسعار الأراضي في العزيزية ناجم عن زيادة الطلب عليها مؤخرا، مشيرا إلى صعوبة التكهن بمستوى الأسعار في الفترة القادمة، مرجحا دخول العقار فترة الركود بسبب الارتفاعات الكبيرة من جانب وبسبب تزايد عدد الصفقات من جانب آخر، فضلا عن قلة العرض وارتفاع أسعار المعروض من جانب ثالث.