اعترض عدد من طالبات مدارس الكبيرات على مسمى الكبيرات في الشهادات بل ويطالبن بتغييره كونه يشكل خجلا للبعض، خاصة اللاتي أعمارهن بين 91 و 52 عاما بالمدارس، وطالبن بتغيير الاسم من مسمى الكبيرات إلى اسم آخر يجعل المجتمع يتقبله، لأنه يوحي لقارئ الاسم أنهن من الكبيرات، إلا أنهن حالت ظروفهن من التعليم من وقت مبكر، إما لأسباب اجتماعية أو مالية أو نفسية، الأمر الذي جعلهن يلتحقن بمدارس الكبيرات، وأكدن أن للعلم معنى آخر في حياة الكبيرات اللاتي تجاوزن حاجز السن بالخروج من خندق الخجل والتحرر من النظرة الاجتماعية بإرادة صلبة كانت ولا زالت تضرب بأوزان مختلفة من النقد كون الاعتقاد السائد يختزل العلم في فئات عمرية معينة وفق تصنيف اجتماعي يضع الحواجز أمام تعليم الكبيرات ولكن بطموح وثقة يواصلن النهل من بحور العلم من منطلق «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد»، كبيرات تواجدهن على مقاعد الدراسة يطرح التساؤل حول تخصيص صرح تربوي للكبيرات، وأسباب ومسببات تأخرهن والتحاقهن بركب التعليم في سياق التقرير التالي : في المستهل تقول أم محمد، «كلما سمعت آيات من الذكر الحكيم كنت أتمنى أن أقرأ القرآن الكريم وأتمعن في سطوره، ولكن عدم إلمامي بالقراءة كان يحول دون ذلك فالتحقت بالمدرسة لأحقق أمنيتي التي وضعتها نصب عيني كهدف لا بد من تحقيقه ووجدت المجال مفتوحا أمامي وبتشجيع من أبنائي لم أتردد في التسجيل، وفي البداية واجهت انتقادات حادة من أفراد المجتمع المشحون بمفاهيم تصادر حق الكبيرات بالتعلم وتضع أمامها خطوطا حمراء كونها مسنة وعليها أن تنصاع للقوانين الاجتماعية التي ترى في التعلم المتأخر ضربا من الخرف ولن تستفيد شيئا، وفي الواقع تجاهلت ذلك كون هدفي واضحا». وتقول أم عمرو الصف ثالث ثانوي أدبي في العقد السادس انطلقت من صفوف محو الأمية إلى المتوسطة وحاليا في الثانوية تقول، «محبتي للعلم دفعتني للدراسة وعلى الرغم من كوني درست في سن متأخرة وعلى مراحل متقطعة إلا أنني لم أحد عن هدفي في استقاء العلم كلما سنحت الفرصة، وكانت لدي قناعة أن الظروف قد تعوق المرء ولكن لا تقتل الحلم في داخله ولو انقضت السنيين، من المتعارف عليه أن المجتمع في تلك الحقبة لم يكن يعطي تعليم الفتاة اهتماما كبيرا، وفي ذاك الزمن كانت الفتاة ترزح تحت وطأة المفاهيم الضيقة التي تؤطر دورها وتحصره في الزواج وتربية الأبناء، ولم يكن حرمانهن من التعليم مقتصرا على أفراد وإنما كان عاما، فجذر القناعة المشتركة بين الآباء بعدم أهمية التعليم للفتاة كان ممتدا وأقصى كثيرات عن ركب التعليم بحجة أنه لم يكن مهما ولكن لم يخب حلمي بل كنت أشعل جذوته بين الحين والآخر حتى وصلت للصف الثالث الثانوي، وأطمح بالالتحاق بالجامعة أو معهد الكتاب والسنة، علما أن لي أبناء وصلوا لدرجات علمية عالية وأصبحوا أطباء ومهندسين». أم عبدالله «لم يكن يدور في مخيلتي أن أجلس يوما على مقاعد الدراسة على الرغم من محبتي للعلم الذي يفتح للمرء آفاق المعرفة، ولكن لظروف قاهرة لم ألتحق بالمدرسة في سن مبكرة حتى توارى حلمي واختفى، ولكن دخلت مضمار التنافس والتحدي مع ابني الذي نتنافس أنا وهو في جمع أعلى الدرجات وتحقيق أعلى معدلات التفوق فوجدت متعة كبيرة في النهل من بحور العلم وأقبلت على التعليم بشغف حتى وصلت للصف الثالث الثانوي». أم سيف «في الواقع ما دفعني للتعلم هو حالة التيه التي كنت أعيشها عند مراجعتي للمستشفيات دون اصطحاب مرافق يوجهني بحسب اللافتات، نظرا لعدم تفرغهم بشكل دائم لمرافقتي، فاتجهت للدراسة والتعلم خاصة وأن المجال مفتوح، فوجدت أن الأمر لا يحتاج لأكثر من إرادة وجهد وتركيز، في البداية وجدت صعوبة ولكن بتشجيع المعلمات أصبح الأمر سهلا، وللعلم لا أسابق الزمن لذلك أتعامل مع كل مرحلة وفق إمكاناتي حتى وصلت للثانوية». وتقول أمل الجابري مديرة ثانوية الكبيرات، «في الواقع ثانوية الكبيرات من الصروح التي ساهمت بشكل كبير في إشعال الأمل لمن حالت ظروفهن من إتمام الدراسة بانتظام، وهي مدرسة متكاملة يوجد بها قسمان علمي وأدبي، تنص ضوابطها على أن يتجاوز سن الطالبة 19 عاما فما فوق، غير أن نظامها لا يسمح بالانتساب الكلي أو الجزئي ومن ترغب من الطالبات بالانتساب تحول لمدارس التعليم العام كون ثانوية الكبيرات لمن تعدت السن، ولكن ظروفها لا تسمح بالانتظام في المدارس الأخرى، ولكن بتوضيح الهدف من المسمى أصبح هناك تقبل، وبفضل من الله الإقبال منقطع النظير وعدد الطالبات في حدود 200 طالبة، أعمارهن بين 19 إلى 67 عاما وحجم الاحتياط 70 إلى 75 طالبة وتحديدا أولى ثانوي. المشكلة الأخرى البيئة الاجتماعية التي تقوض من قدرات بعض الطالبات خاصة الأهل، وذلك بطرح التساؤلات ماذا ستفعلين بالشهادة، لن تتوظفي وأنت في سن تقاعد، علقيها بالمطبخ، وهذا أمر مؤسف إذ يفترض تشجيعهن وليس تقويض القدرات، فالعلم ليس مقتصرا على فئة معينة بل عام لمن يلمس في نفسه الرغبة، وللعلم نسبة التفوق ملموسة فضمن تكريم جميع مدارس محافظة الطائف تم تكريم خمس طالبات من ثانوية الكبيرات، وقد حققت طالبتان منهن المركز الأول على مستوى المحافظة في كل من حفظ القرآن الكريم والسيرة، وتم تكريمهن من قبل مديرة إدارة التوعية الإسلامية، وهذا مؤشر على أنها لا تختلف عن الصروح التعليمية ولا فرق من ناحية المناهج بدليل أن خريجاتنا التحقن بالجامعة في عدة تخصصات ومنها الطب والبعض انخرطن في سوق العمل وهذا يدعو للفخر والاعتزاز». مدير عام التربية والتعليم بالطائف الدكتور محمد الشمراني، أكد أن تغيير مسمى مدارس الكبيرات ليس من اختصاص إدارة التربية والتعليم، مبينا أنهم رفعوا الأمر إلى وزارة التربية والتي نقلوا منها توجيهات بالانتظار ريثما يتم بحث الأمر من كافة جوانبه، مشيرا إلى أن الموضوع لا يخص الطائف بمفردها بل إن جميع المدارس تعاني من نفس المشكلة. وأضاف الشمراني أنه وحتى لا يكون الموضوع محط اجتهادات فقد قامت الوزارة بعملية حصر كاملة للمسميات وهو ما ينطبق كذلك على مدارس الكبيرات المتوسطة والثانوية التي يصل عددها إلى 10 مدارس تتوزع في الطائف والمحافظات التابعة لها تعليميا.