يجلس أهالي جدة على صفيح ساخن مع إطلالة يوم الأربعاء من كل أسبوع نظرا لتسيب بعض الموظفين في القطاعين العام والخاص وخروجهم مبكرا من مقرات أعمالهم. وفي الوقت الذي يؤكد بعض المواطنين من مراجعي الإدارات الخدمية أن يوم الأربعاء غير محسوب في حراك الأيام بالنسبة لبعض الموظفين، فإن إدارتي المرور والجوازات باعتبارهما من المرافق الخدمية نفتا تأخير المعاملات في يوم الأربعاء من كل أسبوع، مؤكدتين أن العمل في هذا اليوم يسير بوتيرة نفس أيام الأسبوع. وأجمع عدد من أهالي جدة أن عقبة يوم الأربعاء تؤثر في إنجاز المعاملات التي يتطلب إنهاؤها سرعة قياسية. لافتين في الوقت نفسه إلى أن بعض الموظفين في القطاعين العام والخاص يرون أن يوم الأربعاء له ثقافته الخاصة التي أصبح الجميع يعرفها والتي تشجع بعض العاملين على الهروب من مقار أعمالهم باكرا قبل انتهاء موعد العمل بوقت طويل، وعدم الالتزام بالمهمات الموكلة لهم واتمام المعاملات على أكمل وجه. بداية تحدث عبدالله الأسمري مراجع لإحدى الدوائر الحكومية عن معاناته المستمرة مع يوم الأربعاء وقال «أكره نفسي عندما أقوم بحجز موعد في إدارة ما ويأتي موعدي في يوم الأربعاء، أعلم بأن معاملتي لن تنتهي في وقتها المحدد، لأننا تعودنا أن الموظفين لايلتزمون بموعد دوامهم في هذا اليوم، فهو بالنسبة لهم كيوم إجازة، يحضرون متأخرين ومن ثم يفطرون ويدردشون مع بعضهم وإذا جاء على مكتبه يخبرك بأن الجهاز متعطل أو النظام معلق وإن عليك الانتظار». وأضاف: وفي هذا اليوم بالذات تشاهد الموظفين يدردشون مع بعضهم ويتضاحكون وكأن الأمر لا يعنيهم، وإذا عاتبتهم أو طالبتهم بالاستعجال ربما يرد عليك بلغة جارحة ويخبرك بأن عليك الانتظار لأن الأمر ليس بيده بل هي مشكلة نظام الحاسوب الذي «علق فجأة». ويضيف الأسمري «وقتها لا يمكنك إلا الانتظار، حتى أذان صلاة الظهر، وبعد الصلاة يخبرك الموظفون بأن مشكلة الجهاز ما زالت قائمة وينصحونك بالذهاب إلى منزلك والعودة يوم السبت باكرا لاتمام إجراءات معاملتك». من ناحية أخرى، تحدث محمد الغامدي (مراجع لإدارة أخرى في محافظة جدة) بالقول «يتطلب الأمر أكثر من يوم لانهاء إجراءات أي معاملة، خاصة إذا ذهبت في يوم الأربعاء الذي هو غير محسوب من أيام الأسبوع، لما له من أسلوب خاص عند بعض الموظفين، فعادة لا أذهب لإجراء أي معاملة في يوم الأربعاء لأنني أدرك تماما بأني لن أتمها أبدا، ولن تنتهي، فبعض الموظفين غير متواجدين في مقار اعمالهم، ولذلك لا داعي لتعطيل أعمالي والذهاب إلى تلك الإدارة في يوم الأربعاء». وأضاف: تكرس في عقولنا أن يوم الأربعاء يوم ليس للعمل، فنقوم بنصح أبنائنا بعدم متابعة الإجراءات في هذا اليوم، ليس هذا فحسب بل إننا نلوم من يذهب للدوائر الحكومية في هذا اليوم لأننا نعلم أن ذلك لن يجدي نفعا، وإذا جاء أحد أبنائنا خالي الوفاض ولم تنته معاملته نعاتبه بأنه ذهب لإتمامها في مثل هذا اليوم. من جهته، أوضح عباس محمود (مراجع إدارة خدمية في محافظة جدة) عن معاناته مع أيام نهاية الأسبوع وقال «عند ذهابي لإنهاء معاملة تخصني وأسرتي فإني أعاني الأمرين إذا صادف ذلك يوم الأربعاء لما فيه من تسيب لبعض الموظفين الذين يعمدون لاختلاق الأعذار الواهية حول تعثر الإجراءات». وأضاف: اذهب إليهم في الصباح الباكر، فأبدأ بإتمام المعاملات فيعطونني موعد استلام بعد صلاة الظهر، وفور عودتي لاستلام معاملتي لا أجد الموظف المختص، وعند السؤال عنه يخبرونني بأن لديه ظرفا طارئا أجبره على الخروج من مكتبه، وما علي إلا العودة يوم السبت لإنهاء إجراءاتي واستلام أوراقي التي تتعطل ثلاثة أيام . ومن ناحيته، دعا ناصر البقمي الموظفين إلى الالتزام بالدوام الرسمي وعدم إهمال واجباتهم الوظيفية في أي يوم من أيام الاسبوع، خاصة يوم الاربعاء، لأن مصالح الأهالي ليست محلا للاستهزاء، ولا أحد يعلم الأمور التي تتعطل بسبب عدم إتمام إجراءاتهم. وأضاف: يوم الأربعاء غالبا ما تحدث فيه مشادات كلامية بين المراجعين والموظفين بسبب تعطيل معاملاتهم، لأن البعض يستأذن من عمله للذهاب إلى الدوائر الحكومية أو الخاصة لإنهاء إجراء معاملة ما، وعند الاصطدام بإهمال بعض الموظفين فإنهم يفقدون أعصابهم بسبب التعطيل والمماطلة. وأضاف: الأمر لا يقتصر على الدوائر الحكومية فقط، بل ينسحب ذلك على بعض المؤسسات الأهلية التي تعاني من المشكلة ذاتها، فعند نهاية الأسبوع وقبل الإجازة الأسبوعية بيوم تجد الأغلبية يتسربون من أعمالهم ويخرجون قبل انتهاء الدوام الرسمي لقضاء الإجازة الأسبوعية قبل أن تبدأ. وفي السياق نفسه، أوضح محمد النهدي أن بعض الموظفين يسافرون إلى مناطقهم ولذلك تجدهم يخرجون باكرا من دواماتهم حتى يتمكنوا من السفر باكرا، غير مكترثين بمعاملات المراجعين ومشاكلهم وما يترتب عليها. وفي سياق متصل بعقبة يوم الأربعاء، أوضح ناصر الثقفي أن الأمر ينسحب على غالبية طلاب المدارس الذين لايذهبون لمدارسهم يوم الأربعاء وكأنه يوم إجازة اسبوعية، ولذلك تجد أن يوم الأربعاء هو أكثر الأيام غيابا من قبل الطلاب والطالبات، بسبب أو من غير سبب. وأضاف: من هنا فإن الأبناء تكرست بداخلهم ثقافة الغياب يوم الأربعاء، وأصبحت بالنسبة لهم ثقافة ترعرعوا عليها ويصعب الاستغناء عنها. وتابع الثقفي: حتى في بعض محال نقل السيارات تتعطل الحركة يوم الأربعاء، فمثلا لو اضطر احدهم لنقل سيارته في هذا اليوم فإن عليه الانتظار حتى يوم السبت، ومن السهل جدا على الموظف إخبارك بأن اليوم اربعاء ولن تتحرك المركبة وكأن يوم الأربعاء غير محسوب أبدا. وفي موازاة ذلك، أوضح مصدر في إدارة المرور بمحافظة جدة أن المعاملات تنتهي في وقتها ولا يمكن تعطيلها لأي سبب كان، ولو تغيب موظف لأسباب حقيقية فإننا نقوم بتوفير البديل فورا، حتى لا يتعطل المراجعون، وأفاد بأنه ليس هناك معاملات معطلة وغير منتهية.