ندرك بأن تعثر المشاريع أصبح من أبرز المشكلات التنموية في مختلف المناطق، وهذا يحتاج إلى المزيد من الدراسات والحلول العاجلة، بدءا من سد الثغرات في نظام المناقصات، وصولا إلى مقاولي الباطن الذين يستلمون المشاريع من الشركات المصنفة، ليتم تنفيذها بجودة أقل، عبر المقاول الأقل تصنيفا وقدرة فنية وموارد مالية. كما أن اعتماد السعر الأقل في أغلب المناقصات يعد من أبرز العوائق رغم أن مواد النظام أوجدت مخرجا من ذلك المأزق، وأجازت للجنة فحص العروض التوصية باستبعاد أي عرض من عروض المنافسة حتى لو كان أقل العروض سعرا، إذا تبين أن لدى صاحب العرض عددا من المشاريع، ورأت اللجنة أن التزاماته التعاقدية أصبحت مرتفعة على نحو يفوق قدرته المالية والفنية. إن التحرر من هذا الشرط أثبت نجاحه في العديد من المشاريع كجامعة الأميرة نورة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، فضلا عن مشاريع السيول في جدة التي تم تكليف أرامكو بالإشراف على تنفيذها، وهذا يجعلنا نطالب بتأسيس شركة تسهم فيها الشركات الكبرى، ومنها أرامكو، بالإضافة إلى المكاتب الاستشارية الهندسية العالمية، وذلك للإشراف على تنفيذ المشاريع الحكومية، وإلزام جميع المقاولين بالتطبيق الصارم لمعايير الجودة والجدول الزمني للإنجاز ومنع الخسائر المالية وتدعيم السلامة، على أن تقوم تلك الشركة بالتأكد من كافة الاشتراطات عند استلام المشروع من المقاول. لقد أثبتت مشاريع سيول جدة أن المشاريع المتعثرة ليست بحاجة للمزيد من الشركات، ولكنها بحاجة إلى عقل وضمير يراقبان تنفيذ تلك المشاريع ويخضعانها لمعايير الجودة، وهذا ما طبقته أرامكو في جدة، حيث أنها دعمت المشروع بأكثر من 30 مهندسا، وتم من خلالهم التعاقد من الشركات المنفذة للمشاريع على أسس واضحة ومعايير صارمة لا تقبل أي اختلال منذ بداية المشروع وحتى تسليمه، وربما تكون تجربة أرامكو التي لم تنفذ مشاريع جدة بشكل مباشر عبر آلياتها ومعداتها، وإنما بعقول مهندسيها، هي التجربة الأمثل لتنفيذ المشاريع الحكومية في كافة مناطق المملكة، تحت مظلة شركة كبرى تراقب وتخطط وتلزم المقاول بمعايير الجودة والتنفيذ وفق جدول زمني محدد.