تعتبر الأحياء العشوائية عادة بؤرا مرغوبة لسكن العمالة المتخلفة، وهذا الأمر ينطبق أيضا على الأحياء العشوائية في المدينةالمنورة خصوصا تلك التي تنتشر في المناطق المحطية بالمنطقة المركزية. وقدرت هيئة تطوير المدينة نسبتها بأكثر من 35 في المائة من المساحة العمرانية في المدينة، وإن كان في السنوات الأخيرة أزيل جزء كبير منها خصوصا في المناطق المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، علما أن هناك بعض الأحياء الموجودة التي ما زالت قائمة مثل السيح الشهير والحرة الغربية والعطن وحارة الأحامدة، بداية مدخل حي قباء الشهير والتي أصبحت في الفترة الأخيرة ملاذا للعمالة المتخلفة بحكم قربها من المسجد النبوي الشريف، إلا أن التركيبة السكانية لهذه الأحياء انعدمت بشكل كبير بسبب عوامل التغيير وانتقال كثير من العائلات التي كانت تقطنها إلى مخططات سكنية حديثة. «عكاظ» التقت عددا من سكان هذه الأحياء، حيث قال عبدالعزيز الرحيلي أحد سكان السيح: «الحي تقطنه نسبة كبيرة من العمالة المتخلفة خاصة أنه قريب من المنطقة المركزية»، مشيرا إلى أن تفتيت الحي أسوة بالأحياء المجاورة للمسجد النبوي الشريف هو الحل لإبعاد العماله المتخلفة عنه. وأضاف أنه رغم المحاولات المكثفة لعودة الحي إلى سيرته الأولى، إلا أنها كلها باءت بالفشل، إذ أن الكثير من السكان فضل الابتعاد والانتقال إلى حي آخر، بعدما أصبح يعج بالفوضى وكثرة الغرباء والجريمة وتخفي العمالة الوافدة، خاصة أن الحي قريب من المنطقة المركزية للحرم النبوي الشريف، ما يزيد من تحرك العمالة فيه بحثا عن عمل غير نظامي. وأشار إلى أن الحملات شبه اليومية من قبل الجوازات على الحي، جعلته يبدو وكأنه أحد الأحياء العشوائية، إضافة إلى تنظيم الجوازات حملات متواصلة على طريق السلام القريب من الحي، حيث تصطف فيه العمالة منذ الصباح وحتى المساء، موضحا أن هناك عددا من المساكن صنفتها لجان الإزالة بأنها غير صالحة للسكن، وأخرى أخلاها ساكنوها قبل أن ينذروا، لشعورهم بمدى الخطر المحدق بهم فآثروا الرحيل، فيما لا تزال عشرات المساكن الأخرى مسكونة، وساكنوها تحت الخطر في أية لحظة. وأوضح أن الحي يضم مساكن يعود تاريخ بنائها إلى ما يزيد على نصف قرن، جازما بأن الحل يكمن في الإزالة وإعادة التخطيط، نظرا للطابع العمراني الذي تتألف منه غالبية الوحدات السكنية في السيح، مشيرا إلى أن العشوائية شكلت فرصة سانحة لمخالفين يعيشون بين دهاليز وأزقة وبيوت السيح، إذ يشكل الحي مزيجا من العمالة الوافدة، والأيدي العاملة الأخرى، حيث أفرزت جميعها عادات اجتماعية غريبة. وتعد حارة الأحامدة من الأشهر الأحياء التي ما زالت تقاوم كل عوامل التغريب، للمحافظة على هويتها إلا أن مقاوماتها خفتت قليلا حتى ضاعت ملامحها في السنوات الأخيرة بعدما تحولت الحارة إلى متكأ للأغراب. العم عبدالرحمن خليفة الأحمدي ما زال متمسكا بالبقاء في الحي ويقطن في الجزء الشرقي منه، حيث قال إن حيهم أنجب كثيرا من الرموز ومن شغلوا مواقع طيبة في التعليم والطب والهندسة والأمن، مشيرا إلى أن الحي قديما كان أنموذجا في التكاتف والنظافة واكتمال المرافق والخدمات ولم يكن هناك غرباء، وكان الناس جميعا أقارب ومعارف. وأضاف أن الحي تعرض للإهمال وصار أشبه بالمدينة المهجورة بعدما تناقصت الخدمات الأساسية وانتشرت الظواهر السلبية والأمراض بفعل الحشرات والنفايات المتراكمة في البيوت المهجورة. ويأمل الرجل في تحرك سريع يعيد للحي العتيق بهاءه ورونقه. وقال إن ما يحز في نفوس السكان أن العمال الأغراب صاروا يقتسمون معهم البيوت. وكانت هيئة تطوير المدينة أعلنت عن إعادة تأهيل المناطق العشوائية تتم من خلال عدد من الخطط، أولها الإزالة الكاملة للعشوائيات وإعادة تخطيطها على نسق حديث من فتح الشوارع اللازمة، كما أن هناك عمليات تطوير ذاتي للعشوائيات دون الإزالة لكامل العقارات، حيث سيتم التطوير وفق آلية ومراحل حسب أهمية الموقع والظروف المحيطة به، من خلال دراسة جار إعدادها من قبل مكتب استشاري متخصص تعاقدت معه الهيئة. إلى ذلك، قال رئيس المجلس البلدي لمنطقة المدينةالمنورة الدكتور صلاح الردادي إن أمانة المدينةالمنورة وضعت دراسة لتحسين وتطوير الأحياء العشوائية، مشيرا إلى أن الأمانة تعاقدت مع شركة لدراسة تطوير الأحياء وبين أن المجلس البلدي أعد دراسة لتطوير الأحياء العشوائية رفعت للأمانة. تكثيف الجهود أوضح الناطق الأمني لشرطة منطقة المدينةالمنورة العقيد فهد الغنام أن الجهات الأمنية تكثف وجودها في الأحياء العشوائية من خلال فرق سرية تندمج مع العمالة، إلى جانب تواجد أمني مستمر من دوريات الأمن وفرق البحث والتحري.