حينما تطأ قدماك سفح جبل قراقر تشعر بالرهبة تمشي في مفاصلك، ويعتريك الخوف فالمكان موحش رغم أنه على مرمى حجر من الجبل تقع بلدة الديسة أو العين الزرقاء ذائعة الصيت وهي عبارة عن واحة زراعية تحيط بها الجبال ذات التشكيلات الصخرية الخلابة، ورغم كل هذه البانوراما الجمالية فإن الديسة تبحث عن طريق الخدمات الغائبة عنها. وتشير المعلومات الجغرافية والتاريخية إلى أن الديسة تعني الوادي الكثيف النخل وقد اشتهرت ديسة وادي دامة بنخلها كما اشتهرت بعيونها التي تتفجر من جبال قراقر وتسيل في الوادي وسط النخيل وأشجار القصب وورق البردي الكثيفة طوال السنة وإن كانت كمية المياه تزيد مع موسم الأمطار كما يوجد بالديسة بعض من الآثار والنقوش القديمة. الوصول إلى الديسة يأتي عن طريق مفرق شغب الذي يبعد عن تبوك 165 كلم باتجاه شمال شرق، والطريق معبد إلى بداية القرية وفي الديسة كل شيء ملفت للنظر ففي الأفق جبال قراقر الحمراء المنتصبة المدهشة والتي يصل ارتفاعها إلى 1750 قدما فوق سطح البحر . ونجد أن الارتفاع الشاهق للجبال زاد من جمال لونها فيما أشجار الحمضيات تقف على ضفتي الطريق وأشجار النخيل والقصب والدوم وهناك طريق آخر جديد من تبوك جنوبا عبر حرة الرهاة وهو طريق جميل يسميه أهل تبوك الطريق السياحي ويأتي بعد 90 كيلومترا من تبوك. وفي الخانق الجبلي تقع الديسة أو العين الزرقاء كما يسميها أهل البلدة وهي عبارة عن واحة جمعت الماء والخضرة تطوقها الجبال التي تنسكب منها المياه على أسفل الوادي، حيث ينتشر السياح والمصطافون في كل مكان من الوادي. وفي مجال السياحة فإنه تتوفر في الديسة مقومات الجذب السياحي لوجود جمال الطبيعة وكذلك التكوينات الصخرية الخلابة التي تعطي الزائر فرصة مشاهدة هذه المناظر الطبيعية حيث الجبال المخروطية والهضاب المستديرة الحمراء وهذه التكوينات منحت المنطقة تميزا خاصا يؤهلها لأن تكون من أجمل بقاع الدنيا فهي منطقة سياحية واعدة متى ما توفرت لها مقومات السياحة من مرافق وخدمات. كما توجد في الديسة آثار لواجهات مقابر نبطية منحوتة بالصخر غير مكتملة وبقايا جدران لمبان سكنية وتوجد كثيرا من الكتابات النبطية والعربية المكتوبة بالخط الكوفي كما توجد بعض المواقع الأثرية الأخرى لبقايا مستوطنات سكنية. وعلى الرغم من جمال الديسة إلا أن هذا الموقع السياحي يعاني من نقص شديد في مرافق الخدمات. وتمنى عدد من المواطنين أن تصل الخدمات السياحية للديسة ويستمتع الجميع بقضاء وقت ممتع بين أحضان الطبيعة. وقال عطا الله راشد البلوي: «كل ما في الديسة جميل باستثناء بعض الكتابات العبثية حول عين الماء كما يلاحظ للأسف الشديد تردي مستوى النظافة مما يعكر جو الزوار العاشقين للطبيعة البكر، كما أن الديسة تعتبر منطقة سياحية واعدة ونطالب هيئة السياحة بدعمها والاهتمام بها وإيجاد خدمات لزوارها ومرتاديها». من جهته، أوضح فواز مفلح العنزي أنه يذهب سنويا إلى الديسة التي تمتاز بنهرها الجاري لمسافات طويلة والجبال الشاهقة ولكن يعيبها أن المكان غير نظيف إضافة الحرق الواضح على جميع أشجار النخيل جراء جلوس البعض واستخدامهم للنار ثم يذهبون ولا يكلفون أنفسهم بإطفاء النار مما يجعل أكثر النخيل مصابا بالحرق، داعيا هيئة السياحة أن تقوم بوضع لافتات إرشادية لتوعية المواطنين للمحافظة على جمال المكان والموقع. ويؤكد خضر عبدالله العرجان أن الديسة تظل معلما سياحيا يقصده الزوار ولكن عدم الاهتمام بهذا المعلم السياحي النادر من حيث تهيئته سياحيا يجعله يعاني من نقص كبير في الخدمات السياحية والتي نعتبرها مفقودة بالرغم من وصول عدد كبير من الأفواج السياحية من أمريكا والدول الأوروبية إلا أن الديسة غائبة تماما عن المشهد السياحي لعدم توفر الخدمات السياحية لهؤلاء السياح. وفي موازاة ذلك، أوضح مدير الآثار بهيئة السياحة بتبوك يعرب حسن العلي أن أرض الديسة خصبة تجري بها عين ماء وينتشر في الموقع نبات البردي وتعد الديسة منطقة استقرار قديم يدل على ذلك وجود آثار المباني السكنية والكتابات والنقوش والرسوم الصخرية من مختلف العصور التاريخية . معلم سياحي مدير هيئة السياحة بتبوك ناصر أحمد الخريصي أوضح أن الديسة تعد من أهم الأماكن السياحية بمنطقة تبوك لتوفر الجذب السياحي فيها، لافتا إلى أن الهيئة قامت بعمل دراسة متكاملة للاستفادة من هذا الموقع كمعلم سياحي بارز يساهم في دفع عجلة صناعة السياحة في المملكة. وأبان أن هيئة السياحة والآثار حريصة على مثل هذه المواقع بدعمها وتقديم كافة المرافق والخدمات التي يحتاج إليها السائح وقريبا سيتم الإعلان عن مشروع الديسة السياحي.