حذر سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ من إضاعة الوقت فيما لا يفيد وتضييع صلاة الجمعة بفعل السهر ليلة الجمعة، مبينا أن السهر إذا أدى إلى تفويت صلاة الفجر أو صلاة الجمعة فإنه أمر محرم لكونه ذريعة إلى ترك واجب، داعيا إلى فعل الأسباب التي تعين المسلم على القيام للصلاة. وطالب سماحته باحترام الأوراق التي تحتوي أسماء الله الحسنى، خصوصا ما يفعله البعض عند افتراش الصحف الورقية سفرة للطعام، لافتا إلى أن الواجب على المسلم احترام الأوراق التي فيها اسم الله، أو الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ولا يجوز امتهانها. وجعلها سفرة للطعام فيه امتهان لها، فيجب اجتناب ذلك. فإلى التفاصيل: • نأمل من سماحتكم توضيح الفضائل الواردة في بعض سور القرآن الكريم وجزاكم الله خيرا. (أبو محمد) •• وردت في فضائل بعض سور القرآن الكريم أحاديث كثيرة، ولكنها ليست كلها على درجة واحدة من حيث الصحة، فمنها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما هو موضوع وواهٍ. فأما الصحيح من تلك الأحاديث ففي فضل السور الآتية: فضل سورتي الفاتحة والبقرة: قال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (والذي نفسي بيده ما أنزلت في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، وإنها سبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته) رواه الترمذي. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: (هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك، فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم، وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته) رواه مسلم. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجعلوا بيوتكم مقابر، فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة). رواه أحمد في مسنده. فضل آية الكرسي: عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟) قال: قلت: الله ورسوله أعلم. قال: (يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟). قال: قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} قال: فضرب في صدري، وقال: (والله ليهنك العلم أبا المنذر) رواه مسلم. وورد في حديث أبي هريرة الطويل في قصته مع الشيطان أن من أوى إلى فراشه فقرأ آية الكرسي حتى يختم الآية، فإنه لن يزال عليه من الله حافظ، ولا يقربنه شيطان حتى يصبح. رواه البخاري. وورد في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن قراءة آية الكرسي حرز من الشيطان. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت). رواه النسائي في الكبرى. فضل خواتيم سورة البقرة: عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه). رواه البخاري. وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان). رواه الترمذي. فضل سورتي البقرة وآل عمران مقترنتين: عن أبي أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه، اقرأوا الزهراوين البقرة، وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف، تحاجان عن أصحابهما، اقرأوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة). رواه مسلم. وعن جبير بن نفير، قال: سمعت النواس بن سمعان الكلابي، يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة، وآل عمران)، وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد، قال: (كأنهما غمامتان، أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صواف، تحاجان عن صاحبهما). رواه مسلم. فضل سورة الكهف: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين). رواه الحاكم في مستدركه. وما رواه مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه: أن من أدرك الدجال في آخر الزمان أن يقرأ عليه فواتح سورة الكهف. فضل سورتي السجدة والملك: عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل، وتبارك الذي بيده الملك. رواه الترمذي. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: «من قرأ (تبارك الذي بيده الملك) كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر، وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، وإنها في كتاب الله سورة من قرأ بها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب. رواه النسائي في السنن الكبرى. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في سورة الملك: هي المانعة من عذاب القبر. رواه البيهقي في السنن الصغير. فضل سورة الإخلاص: عن أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح: بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها وإما أن تدعها، وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: (يا فلان، ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة)، فقال: إني أحبها، فقال: (حبك إياها أدخلك الجنة). رواه البخاري. وعن أبي سعيد الخدري أن رجلا سمع رجلا يقرأ: قل هو الله أحد يرددها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن). رواه البخاري. فضل المعوذتين: عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط، قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس). رواه مسلم. وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما). رواه الترمذي. قتل خادمة بوذية بالخطأ • سماحة المفتي ابتليت بقتل خادمة بوذية من دولة سريلانكا بالخطأ، والحمد لله على كل حال، وسؤالي تحديدا: هل علي كفارة، أرجو إفادتي والدعاء لي بالفرج، وأن يحفظ الله لي أبنائي لأني في السجن الآن. (أ. م) •• إن الإسلام قد حرم قتل المعاهد، وهو كل من له عهد مع المسلمين بعقد جزية أو هدنة من حاكم أو أمان من مسلم. وقد ورد الوعيد الشديد فيمن يرتكب ذلك، فقد روى البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما). وقال تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)، والنفس التي حرم الله هي نفس المؤمن والمعاهد، فمن قتله عمدا فقد خان العهد وغدر بالذمة، فعليه الوعيد الشديد. ثم هذا المعاهد دخل بلادنا بإذن من ولي الأمر وهو مستأمن، فيحرم الاعتداء عليه، ويجب احترام دمه وماله وعرضه. وأما من قتله خطأ فقد أوجب الإسلام فيه الدية والكفارة كقتل المسلم خطأ، قال تعالى: (وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما). وأسأل الله تعالى أن يفرج عنك وأن يحفظ لك أبناءك وأن يهدي الجميع لما يحبه ويرضى. ابنه مصاب بورم في المخ • سماحة الشيخ، ابتليت بمرض أصغر أبنائي «ورم في المخ» عمره اليوم 10 سنوات، مكثت أقرأ عليه القرآن ساعة ونصف صباحا ومثلها مساء وأغسله بماء زمزم وسدر وأدهنه بزيت زيتون كل ذلك لمدة أربعة أشهر، فتحجم الورم وتحول إلى حميد بفضل الله وأجرينا له العملية قبل أربع سنوات، لأن ابني كان قد فقد قدرته على البلع نهائيا، والآن هو يعاني من آثار الورم والعملية.. ماذا ترون سماحتكم؟ (أبو أسامة) •• لا شك أن القرآن الكريم شفاء كما جاء ذلك في الآيات التي ذكرها السائل، أي أنه سبب من أسباب الشفاء بإذن الله تعالى، ولكن لا يلزم من ذلك تحقق الشفاء العاجل بالضرورة، فقد يمنع الله الشفاء أو يؤجله لحكمة أرادها، ولعل تأخير الشفاء كان خيرا لصاحبه، وكان فيه كفارة لسيئاته وزيادة لحسناته ورفعة لدرجاته. فعليكم بالرضا بقضاء الله وقدره، والصبر على هذا الابتلاء الذي ربما كان فيه خير لكم في دينكم ودنياكم، واحرصوا على بذل الأسباب المشروعة والعلاج المناسب حسب الإمكان. توفي والده وعليه صيام 5 أيام • سماحة المفتي: توفي والدي يرحمه الله وعليه صيام خمسة أيام لم يصمها، علما بأنه كان مريضا بالسكري، هل نقضي عنه تلك الأيام.. أرجو الرد وجزاكم الله خيرا؟ (أبو عبدالله) •• إن كان والدكم ترك الصيام بسبب مرضه بالسكري، فلا شيء عليه، ولا يلزمكم أن تقضوا عنه. وإنما كان يلزمه الإطعام عن كل يوم مسكينا كيلو ونصف من الأرز، فإن لم يطعم قبل وفاته، فعليكم أن تطعموا خمسة مساكين، لكل مسكين كيلو ونصف من الأرز. والدهم يطلب سداد دين لا يخصه • والدنا طلب منا مبلغا ماليا لتسديد دين لا يخصه، فقلنا له: نعطيك ما نستطيع حسب استطاعتنا، فرفض، وبعدها أمرنا بعدم السلام عليه.. ما توجيه سماحتكم في ذلك وجزاكم الله خيرا. (أبو مبارك) •• عليكم بالإحسان إلى والدكم، واصبروا وتحملوا وواصلوا زيارته والسلام عليه، لعل الله أن يهديه ويؤلف بين قلوبكم. افتراش الصحف الورقية • سماحة الشيخ: يعمد بعض الناس، وخصوصا العمالة ممن ليس لديهم كثير علم، إلى افتراش الصحف الورقية وجعلها سفرة للطعام، هل هذا يجوز.. جزاكم الله خيرا؟ (محمد الوثلان) •• يجب على المسلم احترام الأوراق التي فيها اسم الله، أو الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ولا يجوز امتهانها. وجعلها سفرة للطعام فيه امتهان لها، فيجب اجتناب ذلك. التساهل في تأخير الصلوات • يتساهل بعض الناس في تأخير الصلوات، والبعض يجمعها، وآخرون لا يبالون بها، فيوما يصلون وأياما لا يصلون مطلقا والعياذ بالله.. ما توجيه سماحتكم في هذا وجزاكم الله خيرا؟ (أبو حمزة) •• إن الصلاة لها في الإسلام منزلة عظيمة، فهي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين. فهي واجبة على كل مسلم خمس مرات في اليوم والليلة، يجب أداؤها جماعة في المسجد، ولا يجوز تركها بأي حال من الأحوال، وهي لا تسقط عن الإنسان ما دام عقله معه. ومن تركها عمدا فقد كفر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة). رواه مسلم. وقال أيضا: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر). رواه الترمذي. وأما تأخيرها عن وقتها فلا يجوز، وهو كبيرة من كبائر الذنوب، قال تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا)، وقال تعالى: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون). فالمحافظة على الصلوات من صفات المؤمن الحق، قال تعالى: (إن الإنسان خلق هلوعا (19) إذا مسه الشر جزوعا (20) وإذا مسه الخير منوعا (21) إلا المصلين (22) الذين هم على صلاتهم دائمون). كما أن التكاسل عنها من صفات المنافقين، قال تعالى: (إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا). وليعلم المسلم أن المحافظة على الصلوات في جماعة في المساجد لها فضل عظيم، وأجر جزيل، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل الذي قلبه معلق بالمساجد في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، فقال: (ورجل قلبه معلق بالمساجد). رواه البخاري ومسلم. إضاعة صلاتي الفجر والجمعة • يسهر كثير من الناس ليلة الجمعة، وبالتالي فإنه يضيع صلاة الفجر في يومها وصلاة الجمعة، أو على الأكثر يأتيها مع الركعة الأولى، ما توجيه سماحتكم لأولئك الذين يتأخرون عن صلاة الجمعة ويضيعون ليلتها سهرا ومرحا ولعبا.. جزاكم الله خيرا؟ (أم سارة) •• لا ينبغي للمسلم التعود على السهر الطويل لغير حاجة، وإذا أدى السهر إلى تفويت صلاة الفجر أو صلاة الجمعة فإنه أمر محرم، لكونه ذريعة إلى ترك واجب. ومن ابتلي بذلك أو احتاج إليه فعليه أن يركب منبه الساعة على وقت صلاة الفجر ليوقظه لوقتها. والمسلم يجب أن يكون معتدلا في أموره كلها، وأن يهتم بتنظيم أوقاته، والنوم المبكر، فإن ذلك يعينه على الاستيقاظ المبكر، وأداء صلاة الفجر في وقتها، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فضلا عظيما لمن يحافظ على صلاة الفجر، فقال: (من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله). رواه مسلم.