كشف الأمين العام المساعد للجامعة العربية الدكتور محمد ابن إبراهيم التويجري عن أن القمة العربية «التي ستلتئم في العاصمة القطرية الدوحة» ستبحث في ثلاث قضايا رئيسية ضمن الملف الاقتصادي لها. وقال «إن القطاع الاقتصادي في الجامعة أعد هذه القضايا والتي تتضمن تطورات منطقة التجارة الحرة والعقبات التي لاتزال تواجهها، وإعداد آلية لسد الفجوة الغذائية، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو المشروع الذي قدمته المنظمة العربية للصناعة والتعدين». وتوقع أن تثمر القمة عن قرارات مهمة في شأن تذليل العقبات التي مازالت تواجه منطقة التجارة الحرة، خاصة فيما يتعلق بقواعد المنشأ والقيود غير الجمركية، مشددا على أن حل مشكلة التعريفة الجمركية هو الأساس لنجاح أي تعاون عربي. واوضح أنه تم إعداد جدول يبين الصعوبات التي تواجه منطقة التجارة الحرة «تنفيذا لقرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي» من خلال عدم إكمال متطلبات البرنامج التنفيذي لها لعرضه على قمة الدوحة. كما بين وجود مفاوضات مكثفة بين فريقي عمل بشأن قواعد المنشأ فريق تقوده المملكة، والثاني تقوده المغرب، معربا عن أمله في أن يتم حسم قضية المنشأ خلال الفترة القليلة المقبلة. وقال «إن موضوع القيود غير الجمركية من المنتظر أن يصدر قرار سياسي عن القادة العرب بإلغائها كلية، ومن ثم تذليل العقبة الثانية التي تواجه المنطقة الحرة». وشدد التويجري على استحالة القفز على ما اعتبرها خمس مراحل للوصول إلى إزالة الحواجز أمام حرية انتقال الأفراد والسلع والبضائع بين الدول العربية والتي قال إنها لن تتحقق إلا خلال المرحلة الخامسة التي تتمثل في التوصل إلى وحدة اقتصادية ونقدية كما هو الحال في الدول الأوروبية. وحول إمكانية أن تتبنى القمة مشروعات لدعم دول الربيع العربي أكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون الاقتصادية «أن هناك دعما بالفعل يقدم من دول الخليج لهذه الدول لكنه اعتبره غير كاف لإحداث حركة تنمية بها». وشدد في هذا الصدد على حاجة هذه الدول إلى استعادة الأمن والاستقرار لأجل تهيئة الأجواء لعودة تدفق الاستثمارات عليها لأن « رأس المال جبان ولا يعرف المجاملة»، حسبما قال التويجري، كما أن أي حديث عما يسمى ب « مارشال عربي ليس سوى وهم كبير». وردا على أسئلة «عكاظ»حول استمرار الصعوبات التي تواجه حركة تنقلات الأفراد والسلع ورؤوس الأموال عبر الحدود بين الدول العربية، قال الأمين العام المساعد للجامعة أن هناك عدة مراحل (5 مراحل) يتعين المرور بها للوصول إلى هذه الخطوة، قال إنها تبدأ بإنجاز المنطقة الحرة، ثم الاتحاد الجمركي، فالسوق المشتركة، ثم مرحلة الوحدة الاقتصادية والنقدية، مؤكدا أن هذه منظومة للتكامل الاقتصادي العربي لم تكتمل بعد. وقال إنه لأجل تسهيل عملية انتقال الأفراد ورؤوس الأموال يتعين الوصول إلى المرحلة الأخيرة من الوحدة الاقتصادية العربية حتى نتمكن من تحقيق هذا الهدف. وشدد التويجري على أنه لا يمكن طرح موضوع حرية الانتقال في الوقت الذي لا يزال الوضع في الدول العربية غير مهيأ لمثل هذه الخطوة، وبالتالي يصبح الأمر مجرد (كلام استهلاكي وشعارات) وعلى المستوى الاقتصادي يصبح الأمر (غير واقعي) . وأشار إلى أن التعاون العربي بدأ يخطو خطوات جادة على خلاف ما جري منذ منتصف الخمسينات حيال السوق المشتركة، والمنطقة الحرة وغيرها، حيث لم يشهد المواطن العربي سوى شعارات للاستهلاك المحلي، ووهما عاشت عليه الشعوب العربية طوال هذه السنوات منذ نشأة الجامعة. وقال التويجري «إن عصر الكلام الاستهلاكي الذي شهدناه في فترة الخمسينات والستينات مضى وانتهى»، حيث لم يكن سوى للاستهلاك المحلي، لافتا إلى أن معدلات وحجم التجارة البينية مازالت لم تتجاوز نسبة ال 8 في المئة على مدى السنوات الماضية، برغم القدرات والإمكانيات الضخمة التي تتمتع بها دولنا. وشدد على أن الاقتصاد والاستثمار يحتاج إلى تحقيق الأمن والاستقرار وليس العواطف أو الشعارات الرنانة، مؤكدا أنه متى عاد الاستقرار إلى الدول العربية التي تعاني من قلاقل مثل مصر، وتونس، واليمن وغيرها سوف نشهد تدفق الاستثمارات، ومن ثم إقامة المشروعات التي تلبي احتياجاتها في مواجهة أزمة البطالة بدرجة أساسية. وقال «إن المساعدات التي تقدمها دول عربية أو أجنبية إلى دول الربيع العربي تظل محدودة ، مقارنة بحجم الأموال التي يمكن أن تتدفق عليها والاستثمارات الضخمة حال تحقق الأمن والاستقرار بها، مشددا على أن مثل هذه الاستثمارات والمشروعات الضخمة لن يقدر عليها سوى القطاع الخاص». من جانب آخر، شدد الأمين العام المساعد للجامعة العربية على ضرورة تأسيس شركات عربية كبرى تدير مشروعات عملاقة قابلة للتنفيذ على أرض الواقع لمواجهة البطالة المستفحلة في دول المنطقة العربية، فضلا عن أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة. وأشار في هذا الصدد إلى أن نحو90 في المئة من الشركات العاملة في أوروبا في مجالات الزراعة والصناعة شركات صغيرة ومتوسطة. من جانب آخر، توقع التويجري أن تشهد الفترة القليلة المقبلة خطوات جادة على صعيد تذليل العقبات أمام منطقة التجارة الحرة وخاصة ما يتعلق بقواعد المنشأ والقيود غير الجمركية، مشيرا إلى أن موضوع قضايا المنشأ في سبيله إلى الحسم، خاصة بعد رفع مجموعة من المقترحات والحلول لها إلى القمة كما أنها تخضع لحوارات ومفاوضات مكثفة حاليا بين الدول العربية، لافتا إلى أن مشكلة القيود غير الجمركية تنتظر قرارا سياسيا بإلغائها كلية ربما يصدر عن القمة. وانطلقت في العاصمة القطرية الدوحة أمس الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية في نسختها رقم 24 التي تنتقل رئاستها من العراق إلى قطر. وستبدأ هذه التحضيرات باجتماعات لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين، يليها اجتماع لكبار المسؤولين في المجلس الاقتصادي والاجتماعي لبلورة مشروعات القرارات التي ستعرض على اجتماع وزراء الخارجية يوم الأحد المقبل 24 مارس، ثم على القمة بعد صياغتها في صورتها النهائية.