بعد مشاهدتنا لمآسي اللاجئين في مخيم الزعتري في الأردن والتي تجعل الولدان شيبا، قمنا بزيارة ريما فليحان مسؤولة ملف النازحين السوريين في الأردن وممثلة الائتلاف المعارض التي لا تحمل فقط هموم اللاجئين بل تسعى لإيجاد حلول سريعة لهم وإنهاء معاناته. فليحان تمنت في الحوار الذي أجرته «عكاظ» في عمان أن يعود كل اللاجئين السوريين إلى سورية في أقرب وقت، فربما شكلت عودتهم ورقة ضاغطة يمكن عبرها فرض إقامة منطقة آمنة يحتمي إليها كافة الأبرياء والمدنيين السوريين، موضحة أنها ستتقدم العائدين في حال قرروا. وشددت أنها لا تدعوهم للعودة تحت آلات القتل وقصف الطائرات، إلا إذا أعلن عن وقف إطلاق النار. وشرحت أسباب عمليات القذف التي بدأت في مخيم الزعتري، موضحة أنها عائدة لعدم قدرة السوريين على التكيف مع فكرة اللجوء. وحملت فليحان الجمعيات الأهلية ومنظمة الأممالمتحدة الوضع المتردي الذي يعاني منه اللاجئون السوريون، مشيرة إلى أن عمليات التسجيل في مفوضية الأممالمتحدة آلياتها بطيئة جدا معربة عن أسفها للتعاطي الدولي مع قضية النزوح ليس على أساس أنها قضية كارثية وإنسانية. وأضافت «قمت بتسجيل نفسي في مفوضية الأممالمتحدة لسببين، السبب الأول لأعاين عن كثب التقصير الذي يمارس بحق اللاجئين السوريين، ووجدت انتفاء التعاطي الحقيقي والصادق مع الناس. أما السبب الثاني فهو سياسي وأمني، وكان من الضروري أن أحصل على وثيقة من الأممالمتحدة». وعن تقييمها للأوضاع الإنسانية في مخيم الزعتري قالت: «أزور المخيم بشكل دائم، وأجدد لومي على مفوضية الأممالمتحدة المسؤولة عن استقبال اللاجئين في (هنغر) أقيم على التراب لتسجيلهم وتأمين خيامهم وحاجاتهم، وخلال أكثر من زيارة التقيت بعائلات نازحة مازالت في عداد المنتظرين منذ عشرين يوما في الهنغر على أمل أن يتم تسجيلها، ومنحها خيمة، وعندما سألت عن سبب هذه الفوضى والتصرفات المجحفة بحق النازحين برروا أنهم يعانون من نقص في الموظفين ولا يعمل حاليا في قسم التسجيل إلا سبعة أشخاص». وسألت فليحان عن الأموال التي رصدت من أجل إغاثة النازحين، أوضحت أنه ببعض هذه الأموال يمكن للمفوضية استقدام فرق طوارئ، فحال السوريين أصبح مزريا ليس في الزعتري وحسب بل في كل دول اللجوء، مؤكدة أنه لو قررت الأممالمتحدة تنظيم خيام اللجوء لفعلت، فسبعة موظفين كيف سيؤمنون حاجات مئات الآلاف من النازحين الذين يصلون بشكل يومي إلى الحدود الأردنية؟. وشددت فليحان أنه لم يكن مسموحا للمعارضة السورية أن تتدخل في شؤون اللاجئين السوريين. وكشفت عن هامش جديد فتح أمام المعارضة الوطنية السورية للتحرك باتجاه من أسمتهم أهلهم النازحين، حيث تم تشكيل فريق تطوعي من شبان وشابات سوريات، في بادئ الأمر لم يكن للائتلاف أي علاقة بهذا الفريق، وكان يتم جمع التبرعات من المقتدرين السوريين الذين يعيشون خارج البلاد وتم شراء ملابس وبطانيات، أما اليوم فقد تبنى الائتلاف الوطني هذا الفريق التطوعي رسميا ويقدم له مبلغا رمزيا نهاية كل شهر لشراء بعض الحاجيات للنازحين ليس فقط داخل المخيم بل وخارجه. ورفضت تحميل الائتلاف أكثر مما يتحمل، مؤكدة أن الائتلاف هو كيان سياسي لا نفوذ آخر لديه، لا حكم له على المخيمات أو خارج المخيمات، حتى الاعتراف الذي تمكن الائتلاف من الحصول عليه، كان اعترافا إعلاميا لا مفاعيل أخرى له، وكان واضحا على مستوى السفارات وعلى مستوى الإجراءات القانونية. النازح هو تحت سلطة الدولة المضيفة له فقط. فساد في المخيم وعن الفساد الذي بدأ يعم مخيم الزعتري قالت: «كيف لا نتحدث عن فساد، فبمجرد أن وصل عدد النازحين في الزعتري إلى أكثر من 100 ألف شخص، يمكننا القول إننا في بلد وليس في مخيم، وكما كل البلاد من الطبيعي لن يخلو بلد الزعتري من الفساد». وأضافت: «كيف لا نتحدث عن فساد عندما يكون هناك شعور بالحاجة الدائمة لكل شيء. ورغم كل ما يعانيه اللاجئون إلا أننا لم ندخل في صلب الأزمة، ففي حال أقدم النظام على عمل عسكري كبير بالمنطقة الجنوبية أو ضربة لدمشق فسنشهد مفاعيلها بشكل مخيف». وكشفت عن خشية لديها من أن تتحول قضية السوريين إلى قضية فلسطينية، وهذه الخشية زرعها أداء المجتمع الدولي بداخلها وبداخل بعض المعارضين نتيجة تقاعسه في القضية. وعن اتهام المعارضة السورية بالتقصير قالت فليحان: «قصرنا بأشياء كثيرة، وأول تقصير يتحمل المجلس الوطني مسؤوليته أنه لم ينسق مع القيادات العسكرية التي انشقت وشكلت نواة الجيش الحر، فلو لعب المجلس الوطني هذا الدور لكان الوضع على الأرض اليوم مختلفا تماما، ثانيا التشرذم الموجود في المعارضة الذي جعل الأيديولوجيات الفردية والحزبية قبل المصلحة الوطنية، ثالثا هناك بعض الشخصيات مستفيدة من طول زمن الثورة». وزادت «الذي يتحمل المسؤولية الأولى هو النظام الذي كان السبب في عسكرة الثورة والدخلاء». الثورة ستنجح وعن مقولة التاريخ «إن ثورات الشعوب لا تفشل» قالت: «إن وصلنا لأهدافنا، فإن الثورة ستكون قد نجحت، وهدفنا ليس إسقاط النظام هدفنا الوصول إلى دولة مدنية، تعددية فيها سيادة قانون، وإسقاط النظام هو إدارة فقط للوصول إلى هذه الدولة»، وأضافت أن الغرب له مصالح في سورية كما كل دولة تتدخل في سورية، وتضارب هذه المصالح يتم حله اليوم على الأرض السورية. الغرب يكذب ولم يتعاط مع المسألة السورية بجدية». ورغم السباق الدولي على الأرض السورية تؤكد «أن بشار لن يبقى لأسباب سياسية وأخلاقية. نحن في حال استعصاء على الأرض، استعصاء سياسي ولم تحسم الأمور لصالح النظام، فلو استطاع حسم الأمور لكان حسمها عند اندلاع الثورة». غدا: شيخ الثورة السورية: لا حوار مع القتلة