يستفز الزائر والمراجع لكتابة عدل جدة الثانية في شارع غرناطة حال كبار السن من الرجال والنساء والمعاقين الذين يقضون ساعات للحصول على وكالة شرعية بسبب افتقار المبنى لأبسط حقوق المعاقين وكبار السن حيث لا يوجد ما يمكن هؤلاء من الصعود لأربعة طوابق في ظل تعطل المصعد وخروجه عن الخدمة. ويبدو المشهد مؤلما لمن يلاحظ عددا من السيدات كبيرات السن وهن يتكبدن مشقة الصعود مترجلات إلى الطوابق العليا لإنجاز معاملتهن، فيما تضطر الأخريات للتنازل عن الأمر والتراجع عنه نهائيا، لعدم قدرتهن على الصعود على السلالم، ولا أمل لهن في استكمال معاملتهن وهن في الطوابق السفلى. لكن التراجع لم يكن سمة النساء الكبيرات فحسب، أو حتى الرجال كبيري السن بل يمتد أحيانا إلى الشباب ممن يؤجلون معاملاتهم يوما بعد يوم بسبب عدم تخصيص مواقف للموقع، الأمر الذي يجعلهم يصولون ويجولون حول المبنى بالساعات، أملا في موقف، إلا أن المهمة تنتهي بالانسحاب. وفيما يتطلع المراجعون إلى سرعة إنجاز المقر الجديد والمناسب لكتابة العد، باعتبار افتقاد المبنى الحالي لأبسط مقومات المباني الحكومية التي تعين المراجع على إنهاء معاملته في سهولة ويسر، خاصة أن حجم المراجعات يوميا يصل إلى أكثر من 500 مراجع يوميا منهم 25 % من النساء، بغرض إصدار وكالات شرعية أو إلغاء وكالات. لكن الملفت للنظر أن المصعد المعطل دائما داخل كتابة العدل، اكتفى المسؤولون بتحذير كل من يقترب منه بعبارة «لا تفتح باب المصعد بعنف سيهبط بك إلى أسفل، لسنا مسؤولين عن ذلك»، فيما المبنى يحتاج للكثير من الترميم في ظل تشققات الجدران الداخلية والخارجية، وانتشار الملصقات الدعائية العشوائية خارج المبنى، وتمتد الظواهر السلبية وصولا إلى التدخين داخل المبنى من قبل بعض المراجعين. ولاحظت المراجعة أم عبدالله إن كبيرات السن يجدن مشقة في التعامل مع كتابة عدل الثانية لعدم تمكنهن من استخدام المصعد الذي يظل مغلقا على مدار الساعة فهو لا يعمل البتة، وفي حالة إصلاحه لا يمكن أن يكفي هذا الكم من المراجعين والمراجعات. وأكدت حنان عبدالله أنها راجعت كتابة العدل لتوكيل شقيقها لإتمام عقد قرانها من شخص خارج المملكة، مبينة أن والدتها الكبيرة والتي كانت ترافقها عانت كثيرا من التنقل في مقر كتابة العدل كونها مريضة وطاعنة في السن، ولا تحتمل الصعود والهبوط. وتعيب خديجة محمد ما تعتبره تشوهات بصرية حول مدخل المبنى، إضافة إلى تدني مستوى النظافة المحيطة بمقر كتابة العدل، نظرا لوجود بعض المحلات التجارية والبوفيهات التي تقدم المأكولات السريعة ولا تنشط إلا في فترات الصباح ما يسبب تراكم النفايات. وتعتبر أم عبدالرحمن غياب اللوحات الإرشادية الخاصة بالإجراءات تشكل معاناة للمراجعات اللاتي لا يعرفن المتطلبات والشروط اللازمة لأي معاملة لتجنب الرفض والعودة مجددا وعدم الانتهاء من المعاملة. وبات التسول هو الآخر يجد ضالته في جسد المبنى المتهالك، إذ شكا الكثير من المراجعين والمراجعات من كثرة المتسولين والمتسولات أمام البوابة، والذين حسب مراجعة يعتقدون أن غالبية المراجعين من المقتدرين الذين يملكون المال لذا تمتد لهم الأيادي أملا في الصدقة. من جانبها، وحسب وزارة العدل فإن لديها خطة لعلاج المباني ذات مسارين الأول مؤقت يتمثل في استئجار مواقع بجدة لكتابة العدل بشكل مؤقت لحين الانتهاء من مباني تدشنها الوزارة من ضمن 390 مبنى بما يتماشى مع مشروع الملك عبدالله لتطوير مرفق القضاء. وتؤكد الوزارة أنها تسير في اتجاه مسار التقنية من خلال الربط الإلكتروني والبوابة الإلكترونية لوزارة العدل من خلال حوسبة أعمال كتابات العدل. وأوضح مصدر مطلع في الكتابة أن وزارة العدل تسعى إلى تطوير عمل كتابات العدل والرفع من مستوى خدماتها من خلال إدخال الحاسب الآلي في جميع الأعمال وانتداب كتاب العدل للالتحاق بدورات في الأنظمة والمستجدات في مجال عملهم وما ينتج عن ذلك من زيادة التحصيل النظري والاستفادة من الخبرات التي تثري العمل وتعود بالأثر الإيجابي على المستفيدين من المراجعين، حيث استحدثت الوزارة عبر بوابتها الإلكترونية خدمة تسجيل الوكالة ونوعها وأسماء الموكلين ومن ثم مراجعي كتابة العدل لاستلامها، وأوجدت كتابة العدل لوحة كتبت عليها للمراجعين أنه يمكنهم التسجيل على بوابة وزارة العدل الإلكترونية للحصول على الوكالة بشكل أسرع، إلا أن أكثر من 95 % وفق تقديرات المراجعين لا يعلمون عن خدمة تسجيل الوكالة إلكترونيا، وإن علموا عنها لا يستخدمونها. 140 ألف معاملة أكد مصدر أن كتابة العدل الثانية في شمال محافظة جدة أنجزت العام الماضي أكثر من 041 ألف وكالة ومعاملة موزعة على اختصاصاتها، أنجزها عشرة كتاب عدل مع طاقمهم المتكامل من كتاب الضبط والسجل والمراسلين والمستخدمين، مشيرا إلى أن الكتابة تختص بالمصادقة على التقارير ومنها الوكالات الشرعية للرجال والنساء.