يعد عضو هيئة التدريس مكونا رئيسا في مؤسسات التعليم العالي.. حيث يضطلع بدور تعليمي وتربوي هام في بناء أجيال المستقبل.. فضلا عن دوره التنويري في مسيرة المجتمع.. وإسهامه في معالجة قضاياه وحل مشكلاته من خلال عطاءات البحث العلمي ومعطيات خدمة المجتمع التي تمثل أهدافا أساسية لمؤسسات التعليم العالي. وانطلاقا من دوره التنموي الحيوي يحظى عضو هيئة التدريس في الجامعات العالمية على مزايا مالية مجزية تتماشى مع حيوية دوره الهام في المجتمع وفي استشراف مستقبل أمته.. بقدراته التي اكتسبها من خلال رحلة طويلة في دروب العلم حتى وصل قمته كل في مجال تخصصه. وإلى عهد قريب كان المقابل المالي الذي يحصل عليه عضو هيئة التدريس السعودي في جامعاتنا متدنيا بدرجة لا تليق بأستاذ جامعي.. ولا تتماشى مع المستوى العام للرواتب في المملكة.. ولا تتواءم مع الارتفاع المستمر في مستوى المعيشة.. ولا يمكن مقارنتها بما يتقاضاه نظيره في الدول الشقيقة المجاورة.. ذلك أن سلم رواتب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وضع قبل سنوات عديدة في ظل مستوى معيشي منخفض في زمن سابق.. بينما شهد المستوى المعيشي ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الماضية. ولهذا صدر في عام 1429ه قرار مجلس الوزراء رقم (259) بتاريخ الأول من رمضان 1429ه القاضي بإقرار مجموعة من المكافآت والبدلات المالية.. التي أصلحت حال رواتب أعضاء هيئة التدريس السعوديين في الجامعات السعودية وعالجت الوضع المتردي لكادر أعضاء هيئة التدريس السعوديين في جامعاتنا. ولكن ومع هذا ظلت المزايا المالية لأعضاء هيئة التدريس غير السعوديين أكبر من تلك التي يحصل عليها السعوديون.. وذلك من خلال بدل السكن وتذاكر الإركاب لهم ولأسرهم وغيرها التي يحظى بها غير السعوديين فقط. ولكن وفي كل الأحوال فإن وضع دخل أستاذ الجامعة السعودي بالبدلات أصبح مناسبا. إلا أن المشكلة الكبرى تتمثل في أن هذه المزايا المالية هي «بدلات"».. ومعنى ذلك أن استاذ الجامعة سوف يفقد هذه البدلات فور تقاعده !! وبالتالي يعيش بعد تقاعده على راتب متدن لا يسد رمقه وأسرته.. بل لا يغني ولا يسمن من جوع!!. هذا الأمر يدركه أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا جيدا ويشكل لهم قلقا مؤرقا يؤثر سلبا على عطائهم.. ففي الوقت الذي يتوجب فيه تقدير خدمات عضو هيئة التدريس التي قضاها في خدمة وطنه من خلال التدريس والبحث والفكر وتمثيله لوطنه في المحافل والمؤتمرات العلمية الدولية.. وفي الوقت الذي يجب فيه دعمه في مرحلة التقاعد التي يكون فيها في أشد الحاجة للدعم والتقدير والتعامل الإنساني.. يكافأ بخصم البدلات من دخله المالي الأمر الذي يخسف بنحو 85 % من دخله الشهري!!. إن من غير المعقول ولا المقبول أن نعيد الاستاذ الجامعي إلى وضع مالي بائس بمجرد تقاعده.. بعد أن تكون أعباؤه والتزاماته المالية قد ارتفعت وبعد أن أفنى عمره في تقديم خدمة عملية عاكفا في محراب العلم وفي صناعة الأجيال على مدى نحو أربعين عاما !!. وإذا كانت بعض أنظمتنا ولوائحنا جامدة صماء مجردة من المضامين الإنسانية ومن بوادر العرفان ورد الجميل.. فإن لدينا ولله الحمد دوما وأبدا مسؤولين يستشعرون قيمة العطاء في خدمة الوطن ويقدرون العلم والعلماء.. ولا يرضون بالضيم والغبن.. ويحرصون في هذا السياق على توفير سبل الراحة والطمأنينة لحملة مشاعل العلم والبحث.. ليتفرغوا لعلمهم ودراستهم دون أن يشغلهم واقع مستقبلي مقلق.. فضلا عن حرصهم المعهود على مبادرات التقدير والعرفان لكل من أفنى عمره لخدمة الوطن العزيز وإنسانه الوفي ولا سيما في قطاع الجامعات.. منارات الإشعاع الحضاري في هذا الوطن الغالي.. إن أعضاء هيئة التدريس السعوديين في جميع جامعاتنا يتطلعون إلى قائد أمتنا وراعي نهضتنا.. صاحب المبادرات الكبرى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله وقيادتنا الرشيدة للنظر في أمرهم والتوجيه بإصدار سلم رواتب جديد لهم يتفق مع المتغيرات الاقتصادية والمعيشية الحالية بحيث تضم البدلات إلى الراتب الأساسي.