منذ العام 525م، شهدت مدينة الأخدود أقدم محرقة في تاريخ البشرية، وما زالت العظام الهشة السوداء والأحجار المتفحمة والأخاديد، شاهدة على الحريق الهائل الذي أصاب المدينة، وورد ذكره في القرآن الكريم، ورغم التاريخ المديد لأخدود نجران الذي يمتد من 005 ق.م إلى منتصف القرن السادس الميلادي، لم تستطع هذه السنون طمس معالم المدينة ونقوشها. ولكن اليوم تشهد المدينة الأثرية محاولة تخل عنها، ففي الوقت الذي تتعالى الأصوات المنادية لتسجيلها في منظمة اليونسكو العالمية، تخلى فرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة نجران عن مساحة تقارب مترا من كل نواحي سور المدينة لصالح الأمانة. ورغم التعليمات المشددة في المرسوم الملكي رقم م/26 وتاريخ 23/6/1392ه، التي تنص على أنه يحظر التعدي على المناطق الاثرية، إلا أن هذه التعليمات لم تحم الأخدود من استقطاع أجزاء منها، إضافة إلى أنها مغيبة سياحيا لأسباب ما زالت مجهولة. «عكاظ» وقفت على حال المدينة الأثرية التي أصبحت أشبه بالصحراء القاحلة، إذ لا وجود فيها للسياح ولا للزوار، فهي تفتقد إلى الكثير من مقومات السياحة، فلا محلات لبيع المشروبات الباردة ولا عربات تقل السائح إلى الآثار المترامية في سور المدينة، في حين اكتفت الهيئة بتسجيل أسماء الزائرين في دفتر بهدف توثيق الزيارة وإحصاء الزائرين دون ان تجد من يقدم شرحا عن المدينة التي ذكرت في القرآن الكريم (سورة البروج). ورصد محرر «عكاظ» الوضع المرير للمدينة التي نسيها الزمن، حيث اصبحت تكتظ بأشجار الاراك والنفايات، كما أن الموقع خال من المحلات التجارية حتى أنه يمنع دخول قوارير مياه الشرب مع الزائر فتصبح في حيرة عندما يصيبك العطش فتضطر للعودة إلى البوابة الرئيسية للشرب من ماء البرادة. كما رصد بالصور المقبرة التي تقع ضمن المدينة، حيث تعرض سورها للتكسير إثر حادث مروري، وأصبح مكبا للنفايات ويسهل دخول الكلاب والقطط إلى المقبرة التي تقع في الجزء الشمال الشرقي من المدينة. إلى ذلك، أجمع عدد من أبناء نجران على أن هيئة السياحة والآثار في المنطقة لم تقدم أي شيء لمدينة الاخدود، ولم توفر ولو جزءا بسيطا من الخدمات للسياح، حيث من المفترض ان توفر عربات مكشوفة تنقل الزائر بين المدينة مع دليل سياحي يقدم شرحا عن مدينة تاريخية لها مكانتها، مستغربين خلو المدينة من محلات بيع التحف النجرانية للزوار، وعدم تعريفهم بتراث المنطقة. وعبروا عن الأسف الشديد لأن الهيئة ركزت جهودها في قلعة رعوم الاثرية، التي يصعب على السائح الوصول اليها، حيث إنها في أعلى الجبل، في حين كان الأجدى تركيز جهودها في مدينة تاريخية ذكرت في القرآن الكريم، وطالبوا الهيئة بالسعي إلى تسجيل الأخدود الأثرية في منظمة اليونسكو العالمية. ونقلت «عكاظ» شكوى الأهالي إلى المدير التنفيذي لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة نجران صالح آل مريح الذي أكد الانتهاء من إعادة تسوير الأخدود بالكامل واستبدال السور القديم المتهالك بسور جديد. وأضاف أن مشروع إعادة تسوير المدينة الأثرية يدخل ضمن مشاريع مركزية تشرف عليها الهيئة، حيث استبدلت السور الخارجي القديم بسور جديد في مختلف المواقع الأثرية في المنطقة الجنوبية. قال مدير «السياحة» في نجران ل«عكاظ» إن السور القديم لمدينة الأخدود كان في حرم الطريق وتم ترحيل السور الجديد عن القديم وتسليم الموقع المستقطع منه إلى الأمانة لتطوير الموقع والاستفادة من الجزء المستقطع في إقامة ممشى ومراكز تقديم هدايا تذكارية للزوار وفقا للتصميم المتفق عليه مع الأمانة حسب رؤية هيئة السياحة.