كلنا يعرف أهمية التطعيم بالنسبة للأطفال من سن الولادة وخلال سنوات حياتهم الأولى وذلك لحمايتهم، بإذن الله، من الإصابة بعدد من الأمراض المعدية التي تم تطوير لقاحات فاعلة لها. برنامج التطعيم الروتيني للأطفال في بلادنا يحدده الجدول الوطني للتطعيمات الذي يمكن الاطلاع عليه في موقع وزارة الصحة. البعض منا أيضا يعرف أن هناك تطعيمات مرتبطة بمواسم معينة من أهمها الحج أو عند السفر إلى مناطق تستوطن فيها بعض الأمراض. لكن الكثيرين منا قد يجهلون توفر تطعيمات مهمة ينصح بإعطائها بصفة روتينية في عدد من الدول المتقدمة لفئات أخرى غير الأطفال مثل فئتي الشباب والمسنين. وربما ساهم في هذا الجهل عدم الإلمام الكافي بأهمية هذه التطعيمات وعدم توفر برنامج وطني أو جدول للتطعيمات الروتينية لهذه الفئات من الكبار في بلادنا حتى الآن. سوف أتحدث عن هذه التطعيمات في هذه المقالة والمقالة القادمة. أبدأ هنا بلقاح فيروس الفاريسلا (Varicella). ما حثني على الكتابة عن هذا الموضوع هو إصابة أحد الأقرباء الأعزاء من المسنين مؤخرا بالحزام الناري مما تطلب تنويمه في المستشفى لعدة أيام لتلقي العلاج إلى أن تم شفاؤه بحمد الله بعد قدر لا يستهان به من العناء. وقبل سنوات حدثت إصابة مشابهة لدى قريب آخر مما يدل على أن المرض ليس نادرا، وهو ما تأكده دراسات أوضحت أن نسبة حدوث هذا المرض في الولاياتالمتحدةالأمريكية هي 215 حالة لكل مائة ألف نسمة وهي نسبة لا يستهان بها. يسمى هذا المرض، الذي عادة ما يصيب كبار السن، باللغة الدارجة «الحزام الناري» (Shingles) أو، علميا، «الهيربس النطاقي» (Herpes Zoster). الغريب أن سبب هذا المرض هو نفس فيروس مرض العنقز أو «الجديري المائي» ((Chickenpox الذي نعرفه جميعا كمرض شائع بين الأطفال، وهذا الفيروس هو أحد أفراد عائلة فيروسات الهربس. العنقز من الأمراض الخفيفة نسبيا لدى الأطفال وتتمثل الإصابة به في ارتفاع درجة الحرارة وظهور الطفح عام في الجسم يستمر لبضعة أيام يعقبها غالبا الشفاء التام. ورغم اكتساب مناعة شبه دائمة ضد المرض عند المصابين إلا أن فيروس الفاريسلا يبقى مختبئا في العقد العصبية في الجسم مدى الحياة. بعد سنوات طويلة قد تتجاوز الخمسين أو السبعين عاما، ينتهز الفيروس أي فرصة لانخفاض مستوى المناعة نسبيا، مما قد يحدث مع تقدم السن عند الكبار أو عند فئات من الناس أصغر سنا ممن يعانون من أمراض مختلفة تؤدي إلى ضعف المناعة، فيعود هذا الفيروس للتكاثر مسببا مرضا مختلفا يشمل الطفح والبثور أو التقرحات الجلدية في منطقة محدودة هي المنطقة التي يغذيها العصب الذي ينشط فيه الفيروس فينتج ما يعرف بالحزام الناري. يسهل تشخيص المرض غالبا لأن المناطق المصابة على الجلد تقف تماما عند الخط الذي يحدد منتصف الجسم. منذ قديم الزمن لم يخطر ببال أحد أن العنقز والحزام الناري يشكلان ظاهرتين مختلفتين لنفس العدوى التي يسببها فيروس واحد هو فيروس الفاريسلا حتى أثبت العلماء في عام 1925م إصابة الأطفال بالعنقز عند تعرضهم للإفرازات الناتجة من بثور المصابين بالحزام الناري. تم تطوير لقاح لفيروس الفاريسلا في عام 1974م بواسطة العالم الياباني تاكاهاشي وزملائه حيث يحتوي هذا اللقاح على نوع حي ولكنه موهن من الفيروس. وتم اعتماد هذا اللقاح والبدء في استعماله على نطاق واسع منذ عام 1995م ضمن التطعيمات الأساسية لحماية الأطفال من الإصابة بالجديري المائي في أغلب الدول ومن ضمنها بلادنا التي أدخلت اللقاح ضمن برنامج التطعيم الروتيني للأطفال قبل بضعة سنوات. وتدل الدراسات على أن خفض إصابة الأطفال بالعنقز ستؤدي بالتالي إلى خفض حدوث الحزام الناري لديهم بإذن الله عند كبرهم مستقبلا. المدهش أيضا أنه تم اكتشاف فاعلية اللقاح في منع حدوث الحزام الناري عند إعطائه للكبار الذين أصيبوا سابقا بالعنقز في صغرهم، مما حدى بكثير من الدول الأخرى إلى استعماله كلقاح روتيني ضد هذا المرض عند الكبار. ووفقا للجنة الاستشارية للتطعيمات في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ينصح حاليا بإعطاء اللقاح لكل من تجاوز الستين من العمر بالنسبة للأشخاص العاديين. أما من كان لديهم ضعف في المناعة لأي سبب من الأسباب فينصح بإعطائهم اللقاح في أي سن آخر.. حتى الآن، لا يستخدم هذا اللقاح عندنا للكبار إطلاقا أو بشكل ملحوظ، مما يحرمهم من الاستفادة من وسيلة فاعلة تحميهم، بمشيئة الله، من مرض مزعج. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة