كشف ل«عكاظ» رئيس مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج «أواصر» الدكتور توفيق بن عبدالعزيز السويلم عن ملفات 4656 سعوديا يقول إنهم منقطعون تحت ظروف قاهرة في 03 دولة، من بينها دول الخليج والولاياتالمتحدة و6 دول أوروبية. وعزا انعدام التواصل مع 418 سعوديا في سورية إلى إغلاق السفارة وسوء الأوضاع السياسية والأمنية في دمشق وبقية المحافظات. وفيما أشار إلى رفع توصيات إلى وزارة الداخلية بشأن معالجة الزواج من الخارج، أفصح عن خطة لتحصين أبناء السعوديين الذين تخلى آباؤهم عنهم في الخارج من الانحرافات السياسية والاجتماعية والأخلاقية.. فإلى نص الحوار: • يقيم في العديد من دول العالم سعوديون وهم بحالة اجتماعية غير مستقرة، ومع ذلك هم يواجهون شظف الحياة بلا معيل أو كفيل.. فهل هنالك خطط فعلية وعملية على أرض الواقع تجاههم؟ نحن ندرك تماما أن هنالك عددا كبيرا من الأسر السعودية في الخارج تعد منقطعة أو متعثرة، وأساس عملنا هو تصحيح أوضاع هذه الأسر، والعمل على إعادتها إلى أرض الوطن إن أمكن ذلك، فضلا عن مساعدة أفرادها في استخراج وثائقهم الرسمية والسعي لدمجهم مع المجتمع، وقد أوجدنا حلولا عملية وبناءة، ومددنا لهم يد العون، وساعدناهم في العودة إلى المملكة، بما يتفق مع الأنظمة الرسمية. • وكيف تشرح للقارئ البسيط مفهوم الأسرة المنقطعة؟ هي تلك التي تحتم عليها الظروف القوية البقاء في الخارج، أو تقطعت بها سبل المعيشة. • نحتاج إلى تفصيل هذه الظروف التي وصفتها بالقوية؟ المحور الرئيس لغالبية هذه الظروف هو الزواج من الخارج، فهو سبب تزايد أعداد الأسر المنقطعة، تأتي بعدها ظروف اجتماعية تلعب الجغرافيا فيها دورا كبيرا، كالتداخل والامتزاج الاجتماعي والقبلي والأسري في المناطق الحدودية، وبخاصة في الخليج، ناحية الكويت والبحرين والإمارات. • وهل أثمرت مساعيكم في إعادة سعوديين إلى المملكة؟ نعم، وقد عملنا جاهدين على توفير متطلبات إعادتهم إلى أرض الوطن، بالتنسيق مع الأجهزة الحكومية لتوفير ما يلزم منه إتمام إجراءات إعادتهم. • هذه النقطة تحديدا تدفعني للسؤال حول ما يثيره السعوديون في الخارج بأنهم يواجهون إجراءات بيروقراطية مطولة، تحد من آمالهم بالعودة أو المساعدة ونحو ذلك.. فما تعليقكم؟ لا تظن أن البحث في شؤون السعوديين بالخارج مسألة سهلة أيضا، وكثير من الشكاوى التي ترد بهذا الخصوص كان يتوقع أهلها أنه بمجرد الاتصال بالجمعية سلمناه كل شيء، فنحن لا نتعامل مع المواطن الذي يطلب المعونة فحسب، بل نتعامل في مقابل طلبه مع 6 جهات، هي: وزارة الداخلية، وزارة الخارجية، وزارة الشؤون الاجتماعية، السفارات، مؤسسات المجتمع المدني، والإعلام.. وهذا لا يعني أننا لا نتابع طلباتهم، بل نتعمق في مساعدتهم وإنجاز جميع الإجراءات النظامية المطلوبة لاستصدار المستندات والهويات الشخصية لهم، ومتابعتها داخل أروقة الجهات الحكومية، دون أن نحملهم عناء أو مشقة، فنحن خاطبنا حتى الآن أكثر من 92 سفارة، وأرسلنا 25 دفعة لإعانات نقدية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، من خلال وزارة الخارجية، بجانب زيارتنا لنحو 15 دولة، للوقوف على حالات عديدة لسعوديين منقطعين فيها. الزواج من الخارج • أشرتم إلى الزواج من الخارج وأنه يشكل محور مشكلات السعوديين في الخارج.. ما دوركم إذن في الحد من تزايد حالات هذا الزواج؟ لا تقتصر مهامنا على الجوانب الإجرائية أو التنفيذية، بل هنالك الجانب التوعوي والبحثي الذي نوليه النصف الآخر من العناية والاهتمام، حيث أجرينا دراسات وبحوثا حول ظاهرة الزواج العشوائي من الخارج، والآثار المترتبة على العلاقة غير المتوازنة، ورفعها إلى الجهات الحكومية. • لماذا وصفته بالعشوائي وهو يجري الآن بصورة منظمة وبموافقة من الجهات المعنية؟ يؤسفني أن أقول لك إن غالبية المتزوجين من الخارج لا يحصلون على الموافقة من الجهات المسؤولة، ولا يشعرونها أبدا، والخطر ليس في ذلك، إنما يكمن في التوسع والدخول في مرحلة إنجاب الأبناء، فكثير من السعوديين في الخارج لا نعرف من هم آباؤهم، فأبوهم كان يعيش نزوة دفعته للزواج، وفترة تنطفئ نزواته فيغادر تاركا أبناءه وأمهم بلا معيل. • وماذا تعني بالعلاقة غير المتوازنة؟ يندفع الرجل للزواج من الخارج وهو لا يراعي تباين العادات واختلاف التقاليد بين مجتمعنا والمجتمع الذي تزوج منه، فلا يوجد أي توازن بين الطرفين، وهذا السبب الرئيس لعدم استمرار الزواج طالما أن الزوجة لا يمكنها أن تندمج في مجتمعاتنا، وبالتالي ينعكس ذلك على الأبناء، حيث يتولد لديهم شعور بفقدان الهوية. • وما الحل في رأيكم؟ نحن رفعنا دراسة إلى الجهات المعنية، ركزنا فيها على محورين، الأول تيسير الزواج في الداخل، بتقليص المهور المبالغ فيها، والتنازل عن بعض العادات القديمة والمستعصية في حفلات الزواج وما قبل الزواج، والثاني فرض شروط منطقية للزواج من الخارج، بحيث يتاح لمن لا يجد قبولا في الداخل، لأسباب صحية أو اجتماعية. أبناؤنا في سورية • نأتي إلى لغة الأرقام.. فكم هو عدد السعوديين الذي ينطبق عليهم وصف «منقطعين» في الخارج؟ طبقا لآخر الإحصاءات الرسمية، فإن عدد الأسر المنقطعة 1828 أسرة، وعدد أفرادها 6564، وهم موزعون على 30 دولة حول العالم. • وماذا عن أوضاع السعوديين في سورية تحديدا؟ يوجد في سورية 283 أسرة، تحضن 814 فردا، في العاصمة دمشق وفي بقية المحافظات والأرياف. • وكيف هي أحوالهم الآن؟ انقطعت اتصالاتنا بهم. • وهل إذا انقطعت اتصالاتكم بهم لا تعرفون مصيرهم ولا تسألون عنهم؟ لا توجد أية قناة تواصل معهم، فالسفارة مغلقة، والأوضاع الأمنية والسياسية التي تشهدها سورية الآن لا تسمح لنا بزيارتهم، فغالبيتهم جاؤوا إلى المملكة، بما فيهم المتزوجون من غير إذن مسبق، بناء على مكرمة خادم الحرمين الشريفين، بينما لا يمكن أن أفيدك هل تبقى منهم أحد هنالك أو لا. منقطعون في أمريكا وأوروبا • لاحظت ضمن الدول التي يوجد بها سعوديون منقطعون الولاياتالمتحدة وبلجيكا وكندا وأوكرانيا وإيطاليا وآيرلندا... مثلا.. فما هي ظروف هؤلاء كي ينقطعوا في أمريكا أو دول أوربية؟ المشكلة في جميع الدول التي ذكرتها أن السعوديين فيها يحملون جوازي سفر، جوازا سعوديا وجواز الدولة التي يقيمون فيها، بحكم أنهم مولودون على أرضها، وأما ظروف إقامتهم أو انقطاعهم هناك فهي نفسها الظروف في أية دولة، حيث تتعلق بزواج من هذه الدول، وترك أبنائهم في عهدة أمهاتهم. • أشرت إلى عوامل قبلية وأسرية في الخليج، تسببت في انقطاع أسر سعودية في دول الإمارات والبحرين والكويت.. ماذا عن طبيعة ظروفهم؟ هناك تداخل اجتماعي طبيعي في المناطق الحدودية، وهذا يحصل في كل دول العالم، فيوجد في الكويت مثلا 716 أسرة، وعدد أفرادها 3232، وفي البحرين 104 أسر، تضم 455 فردا، وتقل في الإمارات إلى 23 أسرة، تحضن 75 فردا، وحتى في قطر وعمان، ففي الأولى توجد 23 أسرة، وأفرادها 122، وفي الثانية 7 أسر فقط، ينحصر عدد أفرادها في 23 فردا فقط. سعوديون في البوسنة • أملك معلومات تشير إلى وجود سعوديين في الدول التي شهدت قتالا في فترة من الفترات كالبوسنة والهرسك.. هل فكرتم في نقلهم إلى المملكة؟ الوضع في البوسنة والهرسك معقد نسبيا؛ لصعوبة العمليات المسحية فيها من جهة، وصعوبة تواصل الأسر معنا من جهة أخرى، فسجلاتنا الرسمية تشير إلى وجود 3 أسر و9 أفراد فيها، بينما لا نعلم إن كان هنالك آخرون أو لا. • دعني أسألكم عن الجوانب المالية.. ما المصدر الذي يغذي هذه الجمعية؟ المصدر الوحيد هو المخصص المالي السنوي، والبالغ خمسة ملايين سنويا، وقد أصدر خادم الحرمين الشريفين مكرمة العام الماضي بدعمنا بعشرة ملايين إضافية. نعمل لوجه الله • هناك اتهامات بأن غالبية هذه المبالغ تذهب في انتدابات أعضاء الجمعية ورحلاتهم الدورية.. فكيف تردون على هذه الاتهامات؟ أقول لك ما لا يعلمه الكثيرون، إننا نحن متطوعون، فلا نتقاضى أي أجر مادي نظير عملنا في الجمعية، إنما نعمل لوجه الله. • تشير الإحصاءات إلى أن عدد السعوديين في آيرلندا شخص واحد فقط، بينما سبق أن شاهدت تقريرا عن زيارة الجمعية للسفير السعودي هناك.. فهل وجود شخص واحد يتطلب انتدابا إلى دولة في أقصى الشمال الشرقي لأوروبا؟ هذه الزيارة لم تكن على حساب الجمعية أبدا، إنما كان لأحد الأعضاء زيارة تخصه إلى هناك، لا علاقة لها بالجمعية، فبادر بأن يزور السفير ويكرمه، من قبيل وجود سعوديين في الدولة المستضيفة، وإن كان مواطنا واحدا. تحصين الأبناء من الانحراف • أخيرا.. ننتقل إلى الأبناء الذين تجبرهم الظروف على الإقامة في الخارج، وهم بلا أب وتحت رحمة أمهم الأجنبية.. فما برنامجكم تجاه رعايتهم؟ نحن حريصون على رعاية الأبناء تحديدا؛ لأنهم سعوديون، وحرصا على تحصينهم من المؤثرات التي قد تؤدي إلى انحرافهم سياسيا، أو أخلاقيا أو اجتماعيا. • ماذا تقصد بالانحرافات السياسية والاجتماعية؟ الانحرافات السياسية كالتطرف مثلا، خاصة في الدول التي يوجد بها جماعات تكفيرية أو ذات أفكار منحرفة. وأما الانحرافات الاجتماعية فهي على سبيل المثال الإقصاء والانتقام أو العنف الأسري. • ولكن عمليا.. ما هي سبل تحصينهم؟ بطبيعة الحال هنالك من يستهدف ذوي الظروف الاجتماعية أو المادية، فبالتالي نشيد بتجاوب السفارات في توظيف السعوديين المنقطعين داخل السفارة، وهو أحق بالوظيفة كونه مواطنا، بالإضافة إلى صرف دخل يتناسب مع عمله، ويحظى برعاية أعضاء البعثات الدبلوماسية بما يحول دون انحرافه.