برر الطالب يزيد أحمد المبتعث لمرحلة البكالوريوس إلى جامعة سنترال ميتشيغان في الهندسة الكهربائية، استنشاقه غاز الهيليوم أثناء تجوله على مطاعم ومقاهي في شارع ميشن بمدينة ماونت بليزانت، وتصوير المشاهد التي صادفته، ونشرها عبر الإنترنت، بأن ذلك كان تنفيذا ل«واجب» فرضه أستاذه في الجامعة، وذلك على خلاف ما كان يتوقعه متابعوه عبر موقع مشاركة الفيديو «يوتيوب» أنه مجرد «مقلب» لخلق مواقف طريفة. وروى ل«عكاظ» تفاصيل قصة صناعة الفيديو، حيث بدأت من تسجيل الطالب في فصل دراسي اختياري، في الإدارة والتسويق، أي بعيدا عن تخصصه الأساسي الهندسة الكهربائية، ففرض عليهم أحد أساتذة الجامعة تنفيذ مشروع تسويقي لمادة «بزنس ون هاندرد» وأن أداءه شرط في اجتياز المادة، وشرح لهم طبيعة المشروع، على أن يتضمن تصوير مقطع فيديو تتحقق فيه ثلاثة شروط؛ أن يكون عالي الجودة، يحتوي على عدة مشاهد في داخله، وأن يكون وجه الطالب واضحا فيه، ومن ثم بثه عبر «يوتيوب». وأبلغ أستاذ الجامعة طلابه بأن التقييم يعتمد على حجم المشاهدات من الزوار، بحيث يمنح الطالب شهرا كاملا لتحقيق 400 مشاهد، وذلك للظفر بالدرجة الكاملة. البطة دونالد يقول يزيد: أبلغت زملائي السعوديين بالمشروع الواجب علي تنفيذه، فابتكر صديقي عمر حسن العسيري عدة أفكار، انتهينا إلى اختيار فكرة «استنشاق غاز الهيليوم»، كونه يحدث تغييرا في الصوت، بعيدا عن الصوت البشري، وأقرب إلى صوت البطة «دونالد» المشهورة في الرسوم الكرتونية، ومن ثم نتوجه إلى المطاعم والمقاهي، ونطلب وجبات ومشروبات عبر أجهزة المحادثة الصوتية المتوفرة عند الممرات الخاصة بطلبات السيارات، فنرصد ردود أفعال العاملين في هذه المطاعم. لحظة الخطر وأضاف يزيد حول الخطوات العملية لتنفيذ الفكرة «بدأت أبحث في مواقع الإنترنت عن مخاطر استخدام غاز الهيليوم، فوجدت أن ضرره محدود جدا إذا تم استنشاقه على هيئة غاز، بينما تتضاعف أضراره حالة استنشاقه سائلا، عندها ذهبت لشراء اسطوانة غاز الهيليوم من شبكة أسواق في الولاياتالمتحدة تعرف ب«وول مارت»، وكلفني ذلك 23 دولارا، حيث يباع هناك بغرض استخدامه في نفخ البالونات، ليتيح لها الارتفاع في الجو. وعاش لحظة الخطر عندما أكثر من استنشاق الهيليوم ما أدخله في الشعور بدوار مفاجئ، وهذا ما بدا عليه في آخر مشهدين من الفيديو، ويقول واصفا الحالة «ضمن ما قرأته أنه يحدث دوارا عند استنشاقه بصورة مفرطة، لكنني ما توقعت أنني سوف أصل إلى هذه المرحلة، ومع ذلك قاومت من أجل إحراز الدرجة الكاملة في المادة». 3 آلاف مشاهد وفيما كان شرط أستاذ الجامعة أن يجذب الفيديو 400 مشاهد في شهر كامل، كانت النتيجة أن جذب ثلاثة آلاف مشاهد في يومين اثنين. أي أن ما يريده أستاذه أن يتحقق في شهر كامل، أنجزه الطالب في ست ساعات. وابتكر يزيد فكرة لترويج مقطع الفيديو تكمن في إعلان حسابات ستة من زملائه في تويتر، هم خزام العتيبي، عمر السدحان، حسين القحطاني، إبراهيم القحطاني، ومحمد الدويغري. خلف الكواليس في المقابل، كشف زميله مخرج الفيلم وصاحب الفكرة عمر العسيري عن ما دار خلف الكواليس، حيث وظف دراسته المتخصصة في «هندسة التصنيع» لصالح بلورة الفكرة وإنتاج الفيديو وإخراجه، فيقول «قدمت لزميلي أربع أفكار، فنفذنا في البداية فكرة غير استنشاق غاز الهيليوم، حيث تكمن في صناعة مقعد سيارة من الكرتون مشابه تماما للمقعد الأصلي، ومغطى بقماش مخملي، نفسه الذي يغطي المقاعد الأخرى، فاختبأ يزيد داخل الكرتون، وبدأ يتحدث أثناء وقوف السيارة عند المطاعم أو الأماكن العامة، فيسمعون كلاما ولا يرون أحدا في السيارة، لكن عندما شاهدنا ردود الفعل طمسنا الفكرة والفيديو بالكامل، لسلبية النتائج، حيث هرب بعضهم، وآخرون أصيبوا بالهلع، في مقابل من أبدى امتعاضه وغضبه من تصرفنا». وجبات للسعوديين مجانا وقرر الاثنان تنفيذ فكرة استنشاق الهيليوم، فاستعار العسيري تجهيزات الاستديو من رئيس نادي الطلبة الدوليين في جامعة سنترال ميتشيغان إبراهيم نياز، وأدى دور المصور، حيث كان يجلس في المقعد المجاور للسائق باستخدام كاميرا عالية الدقة.. وهنا يروي العسيري المواقف التي تعرضوا لها «ذهبنا إلى تسعة مطاعم ومقاهٍ، بينما ظهر في مقطع الفيديو أربعة منها، وذلك نتيجة أخطاء في التصوير أو تنفيذ الدور، وكلفنا شراء تلك الوجبات والمشروبات حوالي 50 دولارا، وبعد إنجاز التصوير قدمنا هذه الوجبات لطلبة سعوديين مجانا، واستغرق إنتاج الفيديو وإخراجه أربع ساعات فقط، بينما التجهيز له من الفكرة إلى الإنتاج حوالي ثلاثة أسابيع». ماهو الهيليوم؟ الهيليوم عنصر كيميائي لا لون له ولا رائحة وعديم الطعم، يستخدم في المناطيد الضخمة والبالونات، كونه أخف من الهواء، ولا يحترق أو ينفجر، ويمكن خلطه مع الأكسجين والنيتروجين لملء اسطوانات التنفس الخاصة بالغواصين. كيف غيّر الهيليوم صوت يزيد؟ يتغير صوت الإنسان عند استنشاق الهيليوم، ويصبح حادا وعالي الدرجة من النعومة والجهار معا، ويكون أشبه بصوت المزامير، وذلك لأن سرعة الصوت في الهيليوم أعلى بثلاث مرات من سرعته في الهواء العادي، ما يؤدي إلى زيادة تردده عند وصول موجات الصوت إلى الهواء. .. ولماذا شعر بالدوار؟ استنشاق كميات بسيطة من غاز الهيليوم يسبب ما يعرف ب«التسمم الأكسجيني»، وذلك بدخول النيتروجين إلى الدم بدلا من الأكسجين، ما يؤثر على عمل الأعصاب، ويحدث دوارا أو تأثيرا شبيها بحالات «السكر».. بينما استنشاق تركيزات عالية منه يودي بالحياة بسبب نقص الأكسجين.