تزخر جدة التاريخية بأعداد كبيرة من الأوقاف والأربطة والمساجد، وقد وزعت على الحارات الأربع بحسب الاحتياجات والمسافات. واشتهر أهل جدة بتطبيق التكافل الاجتماعي بطبيعتهم دونما نظام صارم أو قوانين تجبرهم على ذلك، فكان اهتمامهم دائما بالأرامل والمطلقات والأغراب والفقراء والمساكين وأنشؤوا لذلك الأربطة والأوقاف بل كانوا يقومون بتزويد هؤلاء بكل احتياجاتهم الغذائية وكسوتهم وكل ما ينقصهم على مدار العام. وفي الماضي لم يكن مألوفا أن ترى الشحاتين يجوبون الشوارع فقد طبق أهل جدة حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) أو كما قال عليه الصلاة والسلام. وأوقف أهل جدة الكثير من المباني للصرف منها على المساجد ومدرسة الفلاح والفقراء والمساكين كما أن هناك أوقافا للحرمين الشريفين داخل جدة التاريخية. وتشكل الأوقاف والأربطة في مجموعها ثلث جدة التاريخية تقريبا إلا أن المستخدم منها حاليا أقل من النصف والباقي تركت لكل من هب ودب وأصبحت وكرا للمتخلفين وربما أرباب السوابق.. وأرى من الضرورة بمكان أن تتولى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالتعاون مع الجهات المختصة ترميم وتأهيل تلك المباني وإعادة تشغيلها بما يخدم الغرض الذي أنشئت من أجله وبما يعيد لجدة التاريخية رونقها وجمالها السابقين، كما يمكن تأجير أجزاء منها لبعض المستثمرين إيجارا طويل المدى يقوم المستثمر بترميمها وتأهيلها واستثمارها خلال تلك الفترة.