هل تعاني دول الخليج العربي من خلل سكاني يهدد نسيجها الاجتماعي وهويتها الثقافية وبنيتها الاقتصادية؟ كان هذا محور لقاء منتدى التنمية في دورته الرابعة والثلاثين بالكويت نهاية الأسبوع الماضي، وهو منتدى فكري يجمع أبناء الخليج للبحث في قضايا التنمية. دار حوار معمق بين الحضور ليس هنا مجال طرحه، لكن لفتتني ملاحظة أن المنتدى ناقش الفكرة ذاتها «الخلل السكاني» قبل نحو ثلاثين عاما وحذر من النتائج ذاتها التي تعاني منها دول الخليج حاليا، لكنه أسمع أذنا غير واعية، حتى انتهت بعض دول الخليج إلى أن نسبة مواطنيها لا تزيد على 10 % من السكان، وأخرى تم تجنيس ما نسبته 45 % من سكانها، وأن المشكلة في ازدياد. تسمية «عمالة وافدة» لم تعد صحيحة، فهي عالميا تسمى عمالة مهاجرة، ورأت بعض دول الخليج قليلة السكان في التجنيس حلا اقتصاديا مؤقتا كقطر والإمارات والكويت بحكم الارتباط برأس المال العالمي والالتزام بمقابلة الطلب العالمي للنفط، ودول أخرى كالبحرين رأت في التجنيس حلا سياسيا لموازنة تركيبتها السكانية. المشكلة التي واجهت هذه الدول هي تحول الحل المؤقت إلى حل دائم دون وضع معايير تحدد اتجاهاته فتفاقمت آثاره السلبية لتتجاوز الاجتماعي والاقتصادي والثقافي إلى التأثير السياسي، حيث بدأت الأممالمتحدة تطالب بحقوق سياسية للعمالة المهاجرة في أي بلد تقيم فيه. وحدهما السعودية وعمان تعانيان من تأثير معدل العمالة المهاجرة على معدل البطالة، فلم تنجح السعودة في الأولى ولا التمعين في الثانية من خفضهما، بل وجد أن العلاقة طردية بين المعدلين، وأن نسبة تسرب العمالة من ذوي المهارات والشهادات المتواضعة مرتفعة في المؤسسات الصغيرة. لتجاوز الخلل السكاني المترتب أوصت معظم الأبحاث بخفض استقدام العمالة وإحلال المواطنين تدريجيا ثم التعبئة بتحويل الطاقات الكامنة إلى متحركة، وضرورة ترشيد احتياجات الوطن من العمالة الوافدة قبل أن يستفحل أمرها فتؤثر في بنية المجتمع وتشكيل مستقبله، وذلك برفع الحد الأدنى للأجور لتمكين العمالة الوطنية ولتحسين نوعية العمالة المستقدمة. [email protected]