لم تحد التوجيهات الصارمة والصادرة من وزارة الداخلية بمنع استخدام الأسلحة وإطلاق الأعيرة النارية في مناسبات الأفراح والزواجات وغيرها، حيث إن هذه الظاهرة لا تزال مستمرة ومنتشرة في مختلف مناطق المملكة، خصوصا أن مراكز الشرطة القريبة من صالات الأفراح والمناسبات، تكتفي بأخذ تعهد على صاحب المناسبة بعدم إطلاق النار، ولكن لا أحد يتقيد بمضمون التعهد الذي أصبح كإجراء روتيني دون تطبيق ولا عقوبات. واللافت أن هذه الظاهرة تتسبب في كثير من الأحيان في تحويل الأفراح إلى أتراح لا بل إلى كوارث يذهب ضحيتها الأبرياء خاصة الأطفال والنساء، كما حدث في بقيق في عين دار مؤخرا، حيث تحول العرس إلى مأساة بسبب صعق كهربائي جراء إطلاق نار على كيبل كهربائي راح ضحيتها 25 حالة بين أطفال ونساء، فيما أصيب أكثر من 50 شخصا. وأوضح استشاري الطب النفسي الدكتور عبدالحميد بن عبدالله الحبيب أن ظاهرة إطلاق النار في الأفراح والاحتفالات تعد من إحدى الخصائص النفسية والثقافية لأي مجتمع، وعند تأمل ظاهرة إطلاق النار في الاحتفالات والأفراح في بعض مناطق المملكة من الناحية النفسية نجد أنها ترمز إلى الاعتداد والفخر وإبراز القوة وفي بعض الحالات قد تكون مؤشرا للشعور بالنقص والرغبة في تعويض ذلك، وللتعامل مع هذه الظاهرة والحد من آثارها السيئة يجب العمل على تعزيز الثقة بالنفس واحترام الآخرين وبناء القدوة من خلال التزام مشايخ القبائل والأعيان بذلك واستبدالها بمظاهر وألعاب ومشاركات جماعية بعيدة عن مضايقة الآخرين، ولكي يكون من السهل التعامل مع هذه المشكلة بعيدا عن البعد الثقافي والرمزي لها يتوجب على قيادات المجتمع تبني هذه المفاهيم وتعزيزها في المجتمع. في المقابل حاولت «عكاظ» الحصول على تعليق من إدارة العلاقات العامة لوزارة الداخلية ولم تجد التجاوب، فبعثت خطابا بتاريخ 7/1/1434ه لمدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في مديرية الأمن لتوضيح الدور التي تبذله الجهات الأمنية للتصدي للمشكلة، في مختلف المناطق ولكن لم تتلق أي رد حتى إعداد الخبر. إلى ذلك، أجمع عدد من الأهالي الذين التقتهم «عكاظ» على أن ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية أصبحت منتشرة بكثرة ومخيفة، وتزداد من أسبوع لآخر، مشيرين إلى أنها تؤدي إلى قتل أرواح بريئة أو تسبب لهم عاهات جسدية لمدى الحياة. وأشاروا إلى أن الباحثين المختصين في علم النفس يرون أن ظاهرة إطلاق النار في الأعراس منتشرة في مختلف مناطق المملكة، وتعود إلى عوامل مختلفة منها: عدم الوعي، وعدم تعاون المواطنين مع رجال الأمن، مؤكدين أنه للحد من هذه الظاهرة يجب اعتبار جرائم السلاح الناري من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف المنصوص عليها في المادة (112) من نظام الإجراءات الجزائية وقرار وزير الداخلية رقم (1900) المبين للجرائم الكبيرة، وتعاون مشايخ القبائل والمواطنين وإبلاغهم عن هذه الظواهر ومحاربتها والتوعية بضررها عن طريق الخطباء ومؤسسات التعليم ووسائل الإعلام.