مثلما يحرص أهالي جازان في الحفاظ على موروثاتهم الشعبية من فلكلور وتراث، فإنهم يحرصون كذلك على مورثاتهم من الأطعمة، فظلوا يتوارثون جيلا بعد جيل، تلك الأكلات الشعبية ويشددون على المحافظة على نوعيتها التي اشتهرت بها المنطقة منذ القدم، والتي تمتاز بعضها بأطباق المرتفعات الجبلية وأخرى بأطباق البحر والتي تمتزج بالأسماك وغيرها من المنتجات البحرية. لذلك تشتهر منطقة جازان بالعديد من الأكلات الشعبية المميزة بنكهاتها الخاصة وطعمها اللذيذ وجودتها الغذائية العالية، بسبب مكوناتها الطبيعية وطرق طهيها التقليدي، ما جعلها تحوز على رأس القائمة من الأطعمة المفضلة لدى أهالي المنطقة، في الوقت الذي أصبحت فيه تلك الأكلات الشعبية مرتبطة بالحياة الجازانية بشكل شبه يومي وعلى مدار العام تقريبا، حيث تبرز أكلات دون أخرى، فيحرص الأهالي على تناول وجبة لا تكاد تخلو منها المائدة الجازانية وهي وجبة (المفالت) التي يتم تناولها بشكل يومي تقريبا وعلى مدى ليالي الشهر الكريم. و(المفالت) وجبة ذات قيمة غذائية عالية، تتكون من الحليب تم غليه على النار وأضيفت إليه قطع من الدقيق الصغيرة تم عجنها سواء من الدقيق الأبيض أو دقيق القمح أو الدخن، وبعد النضج يقدم للأكل مضافا إليه السكر أو العسل أو حتى بدونهما، وفقا لما يفضله كل شخص. ويعد (المفالت) وجبة رئيسية بجازان، وهي تمد الجسم بمواد غذائية قيمة تعين الإنسان على تحمل الصيام إلى جانب القيمة الغذائية للحليب، وهو المكون الرئيس ل(المفالت). المائدة الجازانية تحتوي على أكلات لذيذة نستحضر من خلالها الماضي، حيث لا يزال المطعم العربي القديم راسخا بمذاقه الفريد الضارب في عمق الزمن والذي ارتبط بوجدان الإنسان ولم يفارقه حتى إذا ارتحل من موطنه الأصلي. كما أنه لا تزال الأسماء التي تضمها قائمة الطعام في جازان تثير الشهية بحسبانها متداولة في رقعة واسعة من منطقة جنوب الجزيرة العربية، مثل (المرسة)، و(المغش)، و(المفتوت) و(القوار) و(الحنيذ) و(السمك المشوي) إلى جانب أدوات الطبخ التقليدية التي تمنح تلك الأطباق المذاق الفريد. وتعتبر (المرسة) سيدة المائدة الجازانية، فهي من الأكلات الشهيرة التي حازت حب وإعجاب الناس داخل وخارج جازان، ووجودها مفروض على كل الموائد في وجبة الغداء على وجه الخصوص، وهي عبارة عن الدقيق أو البر معجونة بالموز موشحة بالسمن البلدي البقري الأصلي والعسل الذي لا تحلو المرسة إلا به، وتنتزع الحب والإعجاب من بين البقية الباقية من الأطباق الأخرى. ويحرص أهل جازان على إبراز أطباقهم المميزة في المواسم والاحتفالات والمهرجانات الكبرى، وقد شهد المهرجان الشتوي الذي أقيم مؤخرا زخما وثراء من هذه الأطباق الشعبية المشهورة، حيث قامت كل محافظة بتقديم أطباقها الشعبية المشهورة للزوار . وما زال أهالي منطقة جازان يحتفظون بأدوات المطبخ القديمة مثل (المغش) و(الحيسية) و(المفت) و(الملحة) و(الميفا)، وكذلك (الملحة) التي توضع بجانب (الميفا) وهو إناء فخاري يثبت بالطين ويستخدم لصنع اللحوح والفطائر بأنواعها.