لجأت فرنسا لبعض الدول لمساعدتها في الحرب على الجماعات المسلحة في شمال مالي بعد أن تصدت لها باريس بشكل فجائي مستندة فيه لقرار مطاط صدر من مجلس الأمن برقم 2085، حيث جاء الرئيس الفرنسي هولاند ووزيرا دفاعه وخارجيته للمنطقة طالبا لهذا الدعم، ويبدو أن فرنسا تعتقد أن حربها ستكون قصيرة، لكنها ستطول نظرا لاعتبارات عديدة، منها نظرة الريبة من جانب دول الجوار، حيث يرى الكثيرون أن هذه الحرب محاولة لعودة فرنسا إلى مستعمراتها السابقة، خاصة أن هذه المنطقة غنية بالثروات الطبيعية فمثلا يحتضن شمال مالي ثروة هائلة من الغاز الطبيعي والنفط فضلا عن 5200 طن من اليوارنيوم الذي تحتاج إليه باريس في إنتاج طاقتها الكهربائية، حيث تعتمد بنسبة 80 % على توليد الكهرباء من المفاعلات النووية، إضافة إلى الانتشار الواسع للتنظيمات المسلحة التي سيطرت على مدن شمال مالي ووسطه منذ 9 أشهر خلت كحركة أنصار الدين وحركة تحرير ازواد والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وأخيرا كتيبة «الموقعون بالدماء»، والتي ستجعلها هذه الحرب تتعاطف وتشكل جبهة موحدة فيما بينها لصد التدخل الفرنسي الذي قد لا يحظى طويلا بدعم أوروبي موحد. الطلب الفرنسي للدعم من هذه الدول جانبه الصواب، لأن تكلفة هذه الحرب الأولية فقط تصل إلى نحو 900 مليون دولار، وكان من الأجدر بمجلس الأمن أن ينشئ صندوقا دوليا تساهم فيه الدول لتمويلها، أما دول الخليج وعلى رأسها السعودية فيمكن أن تقدم خبراتها التي تمخضت عن تجربة طويلة في مكافحة الإرهاب، ومن الضروري أيضا أن تتبنى باريس والمجتمع الدولي حلولا سياسية واقتصادية واجتماعية لتنمية المناطق الفقيرة في شمال مالي ومنطقة الساحل، والاستفادة من فشل تجارب التدخل الأمريكي في أفغانستان والعراق والصومال، حيث ثبت أن التدخل العسكري بمفرده ليس صائبا كما أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ليست في حاجة إلى حرب جديدة بقدر احتياجها إلى التهدئة ودعم الحلول السلمية المقدمة من الجزائر وبوركينافاسو خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار التي خلفها الربيع العربي والتعنت الإسرائيلي. * رئيس مركز الخليج للأبحاث