لا ينكر أحد بأن اليمن هو العمق الاستراتيجي لدول الخليج العربي، والعكس هو صحيح ولا أحد ينكر اهتمام دول الخليج بإيجاد يمن بلا صراعات لأن أي اختلالات تنعكس سلبا على الاستقرار في شبه الجزيرة والخليج العربي. ولهذا اهتمت دول مجلس التعاون الخليجي برأب الصدع السياسي اليمني – اليمني من خلال المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي وقعت في الرياض برعاية خادم الحرمين الشريفين والتي حظيت بتوافق وطني، وأسهمت في تقارب وجهات النظر بين الفئات المتصارعة من سلطة ومعارضة. وأدى التوقيع على المبادرة إلى تشكيل حكومة الوفاق الوطني وانتخاب الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي، كما تم التجديد لمجلس النواب لفترة سنتين حتى انتهاء المرحلة الانتقالية. ومن يتأمل الاختلالات الأمنية التي تحدث بين الحين والآخر، والاغتيالات المتتالية للكثير من القيادات الأمنية والعسكرية يصاب بخيبة أمل، ويخيل له بأن الأوضاع ستنفجر في أي لحظة. ومع ذلك تهدأ الأمور والحمد لله وكأن شيئا لم يكن، وتعود الحياة لمجراها الطبيعي، ويستمر الحوار، وبالرغم من تأخر الحوار الوطني الشامل عن موعده المحدد في المبادرة الخليجية إلا أن هذا التأخير فيه خير لأنه يكشف لنا بصورة واضحة من هي القوى التي لا ترغب في الحوار الوطني وتسعى لعرقلته. وتعد المبادرة الخليجية حاليا المرجعية الأساسية للحوار الوطني الشامل فكلما تعثرت خطوات الحوار أو حاولت بعض الجهات عرقلة مسيرة الحوار الوطني رجع الكل لبنود المبادرة الخليجية للاسترشاد بها في تحقيق الحد الأدنى من التوافق الوطني. وحين نراقب مجريات الأحداث في اليمن بشأن تنفيذ بنود المبادرة الخليجية يتضح لنا جليا بأن اللجنة العسكرية واللجنة الفنية للحوار عملتا جهدهما في هذا الجانب وما زيارة المبعوث الأممي الأخيرة واجتماع مجلس الأمن في اليمن إلا استكمال لبنود المبادرة والتحضير الجدي لحوار وطني يشمل كل القوى الوطنية في الساحة اليمنية وذلك للخروج بأفكار ورؤى وتوافق سياسي يصنع لليمن فجرها القادم. فشكرا لكل القيادات الخليجية والأممية التي أسهمت في إخراج اليمن من عنق الزجاجة وأبعدت عنها شبح الحروب الأهلية الدامية وعلى رأسها الشقيقة والجارة الكبرى المملكة العربية السعودية صاحبة الفضل على اليمن.