بين ما قاله وزير الخارجية الأمريكية المعين جون كيري عن أن ساعة رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد قد دقت، وما قاله رئيس الحكومة الروسية ديمتري مديديف عن تضاؤل فرص الأسد بالبقاء في السلطة، يطل بشار الأسد بنفسه متحدثا عن استعادة جيشه للمبادرة الميدانية ومبشرا بمفاجآت جديدة. مرة جديدة يثبت بشار الأسد أنه يعاني من «داء الغربة والبعد عن الواقع تماما» حيث تظهر تلك العوارض المرضية المزمنة عليه مع كل إطلالة إعلامية كانت أو جماهيرية مع التحفظ على كلمة جماهيرية. الواقع مع كل وقائعه يؤكد أن المسألة ليست أن بشار الأسد سيبقى أو سيرحل عن السلطة أو أنه سيتنحى أو يرشح نفسه مجددا للرئاسة عام 2014، فالمباحثات كل المباحثات مهما اختلفت جنسية أطرافها وأجندتها وتحالفاتها تتحدث عن سورية ما بعد الأسد، تتناول الهواجس التي ترافق هذه المرحلة عن هوية من سيحكم وكيف سيحكم ومستقبل سورية. قصة بشار الأسد مع داء الغربة عن الواقع تختصر كل المأساة السورية، فهذا الداء جعل من صبية درعا قبل عامين وقودا لثورة شعبية عارمة والداء نفسه جعل ما أسماه الأسد نفسه بالإصلاحات بعد أشهر من انطلاقة الثورة عنوانا لقمع أكبر . والداء نفسه أوصل كل المبعوثين الدوليين والعرب من كوفي عنان إلى الأخضر الإبراهيمي إلى الفشل والعجز، وهو نفسه أيضا دفع الكثيرين من المقربين من الأسد إلى الانفضاض عنه والهروب. فالغربة عن الواقع تفقد حاملها القدرة على القرار والقدرة على الحوار والقدرة على مواجهة الأخطار . هذا ما يعانيه بشار الأسد وهذا ما يدفع ثمنه الشعب السوري من دمه وماله ومستقبله. التعاطي مع بشار الأسد يجب أن يكون من موقع الإدراك بالداء الذي يحمله ولا معالجة للأزمة السورية إلا بمعالجة الرأس المريض ومعالجة المرض بعد عامين على استفحاله قد تستوجب آخر العلاج كما يقول الأطباء «آخر العلاج الكي» .. والسؤال: بعد مرور عام ونصف على ثورة الكرامة السورية .. وبعد سقوط عشرات الآلاف من السوريين قتلى وجرحى وبعد تدمير المدن والبنية التحتية السورية .. هل شعر المجتمع الدولي بأن آخر العلاج .. هو «كي الأسد ؟».