مصطلح (ثقافة القطيع) لا يعتبر شتيمة كما يعتقد البعض استنادا لما يحمله الاسم من دلالة مباشرة، لكن المشكلة وما هو أسوأ من الشتيمة هو ذلك السلوك البشري الذي يحيّد منحة العقل التي وهبها له الله وميزه بها عن القطيع الذي يسير بلا فكر ولا قناعة ولا هدف لأنه سلم زمام أمره لمن يفكر ويقتنع ويخطط للهدف بالنيابة عنه. ثقافة القطيع هي أن يكون الإنسان مجرد رقم يكمل العدد ويكثر السواد ويتلقف كل شيء بلا تدقيق ولا تمحيص ولا عرض على العقل الذي وهبه الله إياه ليميزه عن ذلك القطيع المحروم من هذه النعمة. كانت ثقافة القطيع تستهدف معدومي الخبرة والمعرفة والاطلاع لكنها تطورت مع تطور الحياة، ووسائل تحضرها ورقيها، وانتشرت مستعينة بالثورة المعلوماتية الهائلة، لتكرس كل ما أنتجه العلم وتوصل إليه في سبيل استمراريتها وسيطرتها على عقول وخيارات الاتباع. الرداء الذي تنضوي تحته مجاميع هذه الثقافة حاليا، هو رداء الاستلاب، والقبول المطلق، والجزم القطعي بصحة معلومة ما وتسويقها، حتى لو كان مصدرها حساب وهمي في تويتر أو شائعة طائرة في جو غير صحي أو قصة مفبركة ترد على البريد الإلكتروني أو وكالة أنباء (يقولون) سيئة السمعة وواسعة الانتشار . باختصار: كل عدد في قائمة هذه الثقافة، لا يبحث عن صحة معلومة، ولا يدقق في مصدر، وكل ما يحتاج إليه، هو قائد يحمل كاريزما معينة قادرة على تولي كل شيء عن هذا الرقم، تحت شعار: دع التفكير لنا واستمتع بالتبعية.