لم تحسم الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة الفوز لحزب بعينه، أو لتكتل ما في اليمين أو اليسار، وما تمخضت عنه انتخابات الكنيست كان أمراً مفاجئاً لأوساط عديدة، إسرائيلية وإقليمية ودولية، بعكس ما كانت تشير إليه الدلائل في مرحلة الإعداد لتلك الانتخابات، إضافة لاستطلاعات الرأي، التي كان تشير إلى أن نتائج تلك الانتخابات، ستكون شبيهة لنتائج الدورة السابقة، غير أن ما حدث يمكن أن نطلق عليه انقلابا. شكلت نتائج الانتخابات الإسرائيلية ما يشبه المفاجأة، إن لم تقل الانقلاب، فلم يحظ اليمين بالأكثرية أو بالأكثرية الساحقة، كما كان يتوقع، وما نتج عن الانتخابات، لن يخول، بأية حال من الأحوال، نتنياهو، والليكود، وإسرائيل بيتنا، تشكيل حكومة، تكون لهم فيها الأكثرية. كما شكلت نتائج الانتخابات بداية النهاية لزعامة نتنياهو، الطامح لزعامة حاسمة، على نمط مؤسس دولة إسرائيل بن غوريون، فجاءت نتائج الانتخابات، لتضع حداً حاسماً لطموحاته الكبيرة، ولتشكل بالتالي، بداية جديدة للوسط واليسار في إسرائيل، لاستعادة دورهما التاريخي المفقود. فبعد أن تمكن اليمين، من تبوء الزعامة في إسرائيل، وأصبح الشارع الاسرائيلي يميل إلى اليمين فاليمين المتطرف، جاءت وقائع وأحداث كثيرة، خاصة فيما يتعلق بملف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية والملف النووي الإيراني، جعلت من سياسات اليمين، عاملا من عوامل العزلة الإسرائيلية، وبدأ الدور الاسرائيلي في التراجع والتآكل، وبدأ الشارع الاسرائيلي يدرك بأن سياسات اليمين، ستزيد من عزلة إسرائيل وتهدد ديمقراطيتها المزعومة، وبالتالي وجودها برمته. سيتمكن نتنياهو من تشكيل حكومته، لكنها حكومة مهزوزة وغير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة، ومهددة بالانهيار في أية لحظة. هنالك استحقاقات هامة وحاسمة، أمام هذه الحكومة، ولن تكون تلك الحكومة الموسعة، قادرة على معالجتها واتخاذ القرارات بشأنها. سيحاول نتنياهو، متابعة الاستيطان، وهذا ما سيجعل حكومته على تناقض مع قوى إسرائيلية لا يستهان بها، كما وسيوسع الشرخ القائم فيما بينها وبين السياسة الخارجية للولايات المتحدة. كما وسيبرز الملف النووي الإيراني، كملف أمريكي، أكثر منه إسرائيليا مما سيزيد حالة التآكل الاسرائيلي، ويجعل من تهديدات نتنياهو، كلاماً فارغاً لا قيمة له. كما سيتبلور موقف أوروبي واضح بشأن الاستيطان، وسيكون هذا الموقف مدعوماً بموقف أمريكي واضح. السؤال المطروح هل سيتمكن نتنياهو، في إطار حكومته المرتقبة، من تنفيذ مخططاته ودعواته التي أطلقها إبان حملته الانتخابية، وماذا لو دخلت حكومته في أزمة عصفت بها، وأودت بحياتها وفي اشهرها الأولى؟