عاش الشاب حسين سلمان حياة متفائلة.. ينتظر مستقبلا ناجحا، بعد أن أنهى تعليمه المتوسط والتحق بالسلك العسكري وتزوج مبكرا وأنجب ولدين وبنتين. ولأن الرياح تأتي في بعض الأحيان بما لا تشتهي السفن، فبعد مرور عشر سنوات بدأ يعاني من نوبات نفسية، لم يستسلم لها في بادئ الأمر، وعمل لمقاومة المرض والبحث عن أنجع العلاجات الطبية في المستشفيات النفسية، إلى أن ساءت حالته فأصبح يعاني من هلع وخوف واكتئاب، وعلى مدى 12 سنة مراجعات وعلاجات في العيادات النفسية لم تؤت ثمارا، فأحيل إلى التقاعد بناء على تدهور حالته النفسية. انعطفت به الحياة رغما عنه في طريق بلا ملامح، ثقل كاهله، فمرتبه التقاعدي لا يتعدى 3.700 ريال، لا يكفي لأسرة تتكون من ستة أشخاص، يعاني اثنان من أبنائه من مرض وراثي أصابهما مبكرا ويحتاجان إلى متابعة شبه يومية، شعر سلمان أمام هذه المسؤوليات أنه عاجز فساءت حالته النفسية وزادت رهبته لدرجة منعته من قيادة مركبته. لم يستسلم سلمان وحاول البحث عن عمل آخر، إلا أن عدم انتظام حالته النفسية حال دون حصوله على عمل، خاصة أن مرضه يستلزم علاجا طويل الأمد، ولم تكن مفاجأة في ظل هذه الظروف القاسية ألا يتوفر علاجه في المستشفيات التي يراجعها ما اضطره إلى شراء العلاج الذي تتعدى قيمته 800 ريال شهريا على نفقته الخاصة، مما ضاعف معاناته، وزاد حياته تعقيدا. وكأي رب أسرة، حلم سلمان بمنزل يؤويه وزوجه وأبنائه، لكنه لم يستطع الوفاء بذلك، كيف لا وهو بالكاد يوفر الاحتياجات اليومية لأسرته ذات الأشخاص الستة، فما كان منه إلا أن صنع منزل العمر من الخشب والفلين ووضعه كمجسم في منزله لعله يتحقق ويجعل الله بعد عسر يسرا. ويقول حسين: إن أجرة المنزل قد انهكت كاهله، بالإضافة إلى قيمة العلاج الشهري الذي لم يتوفر في المستشفيات، مضيفا أنه تقدم بعدة خطابات لعدد من الجهات الصحية لتوفير العلاج، إلا أنهم عجزوا عن توفير العلاج الذي يعيش بدونه في حالة من الرعب والخوف والهلع لا تمكنه الخروج من منزله. مؤكدا أنه تقدم لجمعية أصدقاء المرضى فتم صرف العلاج المخفض له لمرة واحدة، وبعدها أصبح يشتري العلاج على حسابه الشخصي، ومما يزيد الوضع سواء أنه نظرا لزحام العيادات النفسية وبعد مواعيدها بالمستشفيات الحكومية وتطور حالته أصبح يراجع المشافي الخاصة لدى الإخصائيين النفسيين متى ما استطاع دفع قيمة ورسوم تلك العيادات النفسية على فترات، مشيرا إلى تعرض زوجته لمرض السكري الذي حرمها الإنجاب بعد ذلك إلى درجة الإسقاط المتكرر، ما دعا الأطباء إلى تحذيرها من الحمل لتعريض حياتها للخطر.