لعل العرب في السنوات الأخيرة قد استفاقوا من سباتهم الطويل وأدركوا أهمية ضرورة توحدهم في بناء أسس اقتصادياتهم التنموية المنعشة لأوطانهم والمدرة خيرا لشعوبهم، فعزموا الرأي على توحد صفوفهم وإجماع كلمتهم، للتعويل على النهوض بمستواهم الاقتصادي بوحدة جامعة خادمة لأوطانهم، وفق آليات نافذة لتحقيق طموحاتهم بنهج اقتصادي مثمر ومشرف، وقد مضى على هذه الأوطان العربية ردح من الزمن وهي تعاني الشدة والعسرة في اقتصادياتها المنهارة التي أرهق انتعاشها الاستعمار ومن ثم حكم الدكتاتوريات العسكرية، والتي كشف غطاءها الخريف العربي الذي اجتاح بعض هذه الديار المنكوبة بأوضاعها الاقتصادية البائسة. فكانت القمة الاقتصادية التي عقدت بداية بالكويت أثمرت عن إقرار إنشاء (الصندوق العربي) وما تبعه من توصيات ساهمت في إيجاد رؤوس أموال تم ضخها للصندوق العربي، لتمويل مشاريع اقتصادية عربية، ثم تلاها القمة العربية الاقتصادية التي عقدت بشرم الشيخ بمصر، وما تبعها من توصيات لدعم الاقتصاد العربي، فمن هذا المنطلق سيتحقق ما يتطلع إليه الرؤساء العرب نحو اقتصاد تنموي عربي منعش لأوطانهم وشعوبهم.. أسوة بالاقتصاد العالمي الذي خلق لهم بناء أسس قوية قادرة على تحدي الظروف ومواجهة الصعاب. فالعرب يملكون إمكانيات مهولة فبلدانهم غنية بالثروات الاقتصادية، ولا تنقصهم الكفاءات البشرية، فلديهم من العلماء والخبراء ما يفوق الوصف في تعدد المهارات العلمية والمهنية والفنية، وليس هم بحاجة لاستقطاب خبرات أجنبية، وفوق هذا وذاك وفرة المال ورجال الأعمال المشهود لهم بخبراتهم الاقتصادية، حتى أن هناك فرص استثمار تشغيل البطالة العالية أرقامها بالوطن العربي، وسد ثغرة الفقر والعوز والشح التي تعاني منها شعوب هذه الأوطان العربية، ومن ثم التخلص من الجهل والمشكلات الاجتماعية المترعة التي تزيد من إرهاق اقتصاديات بعض دول الوطن العربي وتجعله عرضة للاستدانة من صندوق النقد الدولي وما يترتب عليه من مديونية طويلة الأجل. قمة الرياض الاقتصادية الثالثة، دعا من خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ( لزيادة رؤوس أموال المؤسسات المالية العربية وبنسبة لا تقل عن خمسين في المئة من قيمتها الحالية، حسبما يراه محافظو تلك المؤسسات وذلك لتتمكن من مواكبة الطلب المتزايد على تمويل المشروعات التنموية العربية ودعم الدول العربية وخاصة الأقل نموا منها، كذلك إعلان سمو ولي العهد الأمير سلمان الذي ألقى بالنيابة كلمة خادم الحرمين الشريفين، عن بالغ سروره عن استعداد المملكة العربية السعودية للمبادرة بدفع حصتها في الزيادة التي يتم الاتفاق عليها عكاظ). وتبقى كلمة أخيرة، ألا وهي أن يتجنب الرؤساء العرب كل ما يعيق مسارهم الاقتصادي التنموي، وأن لا تشغلهم اختلافاتهم السياسية لإعاقة توجهاتهم الاقتصادية الملحة، فإن السياسة متى تأزمت أفسدت النواحي الاقتصادية .. نسأل الله التوفيق نحو اقتصاد عربي عالمي يعود ريعه للوطن العربي بشعوبه العربية !!.