تنعقد القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الثالثة في العاصمة السعودية الرياض، في ظل المعطيات الضبابية التي أفرزها «الربيع العربي» اقتصاديا في عدد من الدول العربية. وتعقد هذه القمة الثالثة، بعد قمة شرم الشيخ وقمة الكويت، لمتابعة وتقييم ما تم اتخاذه من قرارات اقتصادية تتصل بالبنية التحتية لقطاع النقل والسكك الحديدية، وتفعيل الاتحاد الجمركي في العام2015، إضافة إلى سد الفجوة الخطيرة في الأمن الغذائي العربي التي تتجاوز 53 مليار دولار في العام 2030، والبحث والاستفادة من الطاقة المتجددة، وتعريب الإنترنت، ودعم الاقتصاد المعرفي في العالم العربي. لقد حققت القمتان السابقتان إنجازا مهما خصوصا قمة الكويت، بمباردة من أميرها لأنشاء الصندوق العربي لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة برأسمال 2 بليون دولار منذ عام 2009 سددت الدول الأعضاء فيه 1،2بليون دولار ما يساوي 60 في المئة، وقدم الصندوق قروضا تمويلية 157مليونا بنسبة أقل من 8 في المئة. الاقتصاد العربي الذي يعتبر بمجمله، جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، أمامه تحديات مستقبلية معقدة تتطلب استحداث تكتلات اقتصادية قادرة على دعم التنمية المستدامة في دول العالم العربي، ومواجهة التنافسية الشرسة من خلال دراسات متعمقة للصورة المستقبلية كفكر استشراقي استراتيجي ثاقب يقوم على البحث في مكامن الإمكانيات والقدرات الاقتصادية العربية، ووضع أسس التطوير العملياتي للإنتاج التكاملي، والبحث المستمر والمتواصل في ثقافة العوائق لتفعيل العمل العربي المشترك بمفهومه الشمولي، وليس بالمفهوم السياسي. وقد بلغ حجم التجارة البينية العربية نحو25 مليار دولار بنسبة 12 في المئة من التجارة الكلية لاقتصاديات الدول الأعضاء والبالغة 220 بليون دولار، وهو لا يرقى إلى الحد الأدنى المطلوب لتفعيل العمل العربي المشترك من خلال تعزيز الصناعات التكاملية التي تدعم وتساند القدرة الاقتصادية العربية، والعمل على خلق آليات الاستثمار الذكي والفعال وامتلاك آليات التغيير للتفاعل البناء مع المتغيرات الاقتصادية من خلال الاندماج والتكامل الفعال القائم على رصد الفرص والإمكانيات والمتغيرات والتحديات الاقتصادية . العمل العربي المشترك يحظى على استحياء، بأولوية تقوم على تحرير البيئة الاستثمارية، وإزالة العوائق أمام القطاع الخاص للمساهمة في البناء، ودعم التنمية المستدامة في العالم العربي، وإعادة الهيكلة للاقتصاديات العربية أصبحت ضرورة ملحة لتحقيق هامش أمان يحمي الدول العربية من آثار لا تحمد عقباها من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، رغم أن الاقتصاد العربي ليس طرفا شريكا في الأزمة إنما تم إقحامه ليكون جزءا منها. إذن، الأمر أصبح حتمية استراتيجية، كاتجاه إجباري لولادة كيان اقتصادي عربي قادر على الاستجابة لتطلعات الشعوب العربية، وحمايتها من الأزمات الاقتصادية العالمية وتقلباتها والإسهام في خلق نظام اقتصادي فعال. ويبقى المطلوب من القمة العمل الجاد والمتواصل على تذليل كل العقبات والمعوقات أمام تدفق الاستثمارات المهاجرة للمشاركة الفعالة لحماية الاقتصاديات العربية من المخاطر، والنظرة برؤية استشراقية ثاقبة لتحديات مستقبلية ذات أثر سلبي على الاقتصاديات العربية. * رئيس تنفيذي لمكتب استشارات مالية وإدارية واقتصادية