تنطلق اليوم السبت منافسات بطولة كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، بمواجهتي المضيف جنوب أفريقيا مع كاب فيردي، والمغرب مع انغولا، حيث يعود الصراع على أشده في القارة السمراء بين عمالقة الكرة وسط غياب مثير لأكثر منتخب فاز باللقب المنتخب المصري، بعد فشله في تخطي التصفيات المؤهلة للبطولة. بعد أكثر من عامين ونصف العام على استضافتها كأس العالم 2010 FIFA ستعود الأنظار لتحدق من جديد نحو ملاعب جنوب أفريقيا، وهذه المرة لترقب مونديال القارة السمراء 2013والذي فيه تكبر الأحلام العربية من جديد نحو ممثليها الثلاثة منتخبات تونس والمغرب والجزائر؛ وذلك على أمل أن يتمكن أي منها على استعادة سيادة العرش الأفريقي الذي دام على مدار أربع بطولات متتالية؛ بدءا من تونس 2004 وانتهاء بالإنجاز المصري الفريد في تحقيق اللقب ثلاث مرات متتالية من 2006 وحتى 2010. فبعد عام واحد على ضياع اللقب من بين الأيادي العربية حينما غابت مصر عن النسخة الأخيرة، والتتويج المفاجئ لمنتخب زامبيا، يتكرر الأمر مرة أخرى حيث سيغيب «الفراعنة» عن المشهد، لتبقى الآمال كلها معلقة على الثلاثي «المغاربي» فكيف ستكون رحلتهم في أدغال أفريقيا. الحنين للقب تشترك المنتخبات الثلاثة بأنها كسبت اللقب مرة واحدة من قبل. فقد بدأت المغرب معانقة الكأس في النسخة العاشرة في أثيوبيا 1976، حين تمكن «أسود الأطلس» من تصدر الدور النهائي بدون أية هزيمة، أما الجزائر فقد عوضت خسارتها لنهائي النسخة الثانية عشرة أمام نيجريا 1980 لتكسب لقب البطولة السابعة عشرة التي استضافتها في 1990 وأمام نيجيريا بالذات. وبدورها كان على تونس أن تنتظر كثيرا حتى تستضيف النسخة الرابعة والعشرين 2004 لتصعد المنصة وتعانق اللقب بعد الفوز على الجار المغرب بنهائي تاريخي؛ وذلك لتعويض فقدانها الفرصة في نهائي بطولة 1996 أمام صاحب الأرض جنوب أفريقيا. وخروجها المبكر من المنافسة عندما استضافت بطولة 1994. معاكسة التاريخ لن نذهب بعيدا في البحث عن تاريخ المنتخبات الثلاثة، لكن سنعاود التذكير بما واجهته في البطولات الخمس الأخيرة، حيث كانت بطولة تونس 2004 مميزة جدا لأصحاب الأرض «نسور قرطاج» وجيرانهم المغرب وطيبة للجزائر، حيث تواجه التوانسة والمغاربة في النهائي الذي دان «للنسور» بنتيجة 21 فيما كانت الجزائر تعود بعد غياب عن نسخة 2002 لتتأهل لربع النهائي، وتخسر أمام المغرب. وفي بطولة مصر 2006 خسرت تونس في ربع النهائي أمام نيجريا بركلات الترجيح وغادرت المغرب من الدور الأول فيما لم تتواجد الجزائر. وفي بطولة غانا 2008 تكرر ذات الأمر، حيث خرجت تونس من ربع النهائي أمام الكاميرون، وودعت المغرب من الدور الأول ولم تتواجد الجزائر. وفي بطولة أنجولا 2010 انعكست الأمور، حيث عادت الجزائر بقوة وبلغت نصف النهائي قبل أن تخسر أمام مصر 0 4 لتحتل بعدها المركز الرابع، وودعت تونس من الدور الأول ولم تتواجد المغرب. وفي النسخة الأخيرة في الجابون وغينيا الاستوائية 2012 توقف مشوار تونس عند نفس المكان ربع النهائي، وخرجت المغرب من الدور الأول ولم تشارك الجزائر من جديد. فمن خلال هذا الاستذكار السريع نجد أن البطولات الأربع الأخيرة لم تشهد من هذه الفرق حضورا فاعلا، حيث تراوح الأمر مابين الخروج من ربع النهائي، والدور الأول والغياب عن البطولة، باستثناء إنجاز الجزائر التي عادت للمربع الذهبي في عام 2010 الذي شهد عودتها للظهور في كأس العالم. ورغم تلك الظروف المعاكسة للمنتخبات العربية الثلاثة في النسخ الأربع الماضية، إلا أن التمسك بأمل العودة القوية لمسرح المونديال الأفريقي، واستعادة التاج الذي أفلت بعد سيطرة دامت ثماني سنوات، وأربع دورات متتالية، لن يغيب عن مخيلة أبناء المغرب العربي وبالتأكيد أشقائهم من المحيط للخليج. لن تكون المهمة سهلة، وهذا يتطلب استخراج كل المجهودات البدنية والفنية والأهم من يعول عليهم من النجوم الذين باتوا محط أنظار الجميع هناك. لعبة القرعة فرضت القرعة على تونسوالجزائر أن يتواجدا في المجموعة الرابعة إلى جانب كوت ديفوار وتوجو، ولذلك فعليهما تقديم أداء فوق العادة لمزاحمة الأفيال الإيفوارية، وتجنب المباغتة التوجولية. في منتخب الجزائر يعول على عدد من النجوم التي تألقت في مشوار تصفيات كأس العالم، وحملة التأهل للعرس الأفريقي، ولعل سفيان فيجولي الذي فرض نفسه بقوة في الليجا الإسبانية رفقة فالنسيا تجعله في مقدمة كتيبة «محاربي الصحراء» التي ستتوهج كثيرا مع تواجد عنفوان بودبوز والعربي هلال سوداني وإسلام سليماني، بينما ستتوفر الخبرة مع مجيد بوقرة، ورفيق حليش، والحارس مبولحي. أما تونس فقد عادت للبطولة بذات الجيل الذي يقوده سامي الطرابلسي، حيث حافظ المدرب المحلي على القوام الرئيسي بتواجد ثلة من النجوم التي فرضت تألقها على الساحة الأفريقية، ويتقدم كتيبة «نسور قرطاج» صانع اللعب ومحرك الهجوم يوسف المساكني الذي بات من أغلى المحترفين حين تحول إلى لخويا القطري، إذ سينشط معه بعد البطولة، فيما سيقدم عصام جمعة، وزهير الذوادي كل الأدوار الهجومية منتظرين من أسامة الدراجي، ومجدي تراوي الدعم من الوسط، وآملين من أيمن عبدالنور، ووليد الهيشري حماية مرمى المثلوثي أو بن شريفية. ولعل المغاربة يتطلعون لما سيقدمه الفريق تحت قيادة المدرب المحلي رشيد الطوسي الذي خلف جيريتس، إذ يأملون أن يجد ما يمكنه من صناعة الأداء، والحصول على النتائج التي تاقوا لها. يقول الطوسي «مجموعتنا متكافئة، علينا اللعب بذكاء، نريد تغيير الصورة التي ظهرنا فيها في البطولات الماضية، نتطلع للتأهل للدور الثاني، ولن يكفينا هذا بالتأكيد».