هناك توجه نحو زيادة معدل السعودة في القطاع الخاص، وزيادة تكلفة العامل الوافد على الجانب الآخر، وما زال هناك عزوف من الشباب السعوديين عن الانخراط ببعض المهن، ومعظمهم يبحث عن وظائف مكتبية؛ وذلك بسبب ضعف مخرجات القطاع المهني، والصورة النمطية لبعض المهن . ومايؤكد ذلك الأرقام ففي 1432 على سبيل المثال ازدادت نسب استقدام العمالة بمقدار 14 في المئة عن العام الذي سبقه. والملاحظ أن تخصصات العمالة المستقدمة خدماتية، ولوظائف فنية فنجد 51 في المئة من العمالة المستقدمة شغلوا مهنا هندسية أساسية مساعدة (حداد ،نجار ،سباك ....) في حين 19 في المئة منهم انخرطوا بمهن الخدمات أي 70 في المئة من العمالة المستقدمة متخصصة بالمهن الهندسية والخدمات. من هنا يتضح الخلل فلايزال الاستقدام لهذين القطاعين (الهندسي والخدمات) في تزايد مستمر منذ زمن بعيد، ولم نقم بحل المشكلة، والآثار السلبية لهذا التنامي مضرة بالاقتصاد، وخصوصا أن دول العالم أجمع في توجه فعلي نحو الاقتصاد المعرفي الذي يعتمد بشكل أساسي على العقل البشري كرأس مال، وتنمية العمال والصناع المبتكرين، في حين لا يزال اقتصادنا أعرج ليس بالاعتماد على النفط فقط، بل كذلك على العمالة الوافدة، وفي تقديري أنها أخطر ..فلايزال لدينا ضعف في التأهيل المهني ومخرجاته، ورغم المحاولات التي تقوم بها المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني إلا أنها لم تنعكس على أرض الواقع كأرقام ملموسة. على الجانب الآخر، مبادرات وزارة العمل كبرنامج (نطاقات) الذي يعمل على تحفيز المنشآت لتوطين وظائفها لا يعالج المشكلة، بل هو مسكن، فمن الصعب أن يستمر القطاع الخاص بتوظيف الشباب وهم ليسوا بالكفاءة المهنية، أو بعد توظيفهم يتسربون بسبب ثقافة العيب والصورة النمطية تجاه بعض المهن. على أن هناك مبادرات تبث التفاؤل ولكنها تبقى مبادرات فردية ومسكنة؛ فهي لا تعالج الخلل لأنها تعتمد على أفراد وليس على عمل مؤسسي، واستراتيجية طويلة المدى. لنفكر بطريقة غير تقليدية ..فنسب التوطين لن تزيد بالمبادرات، نحن نحتاج خارطة طريق لامتهان المهن يشارك فيها القطاع الحكومي والخاص والشباب مع الإعلام نضع من خلالها علاجا جذريا للمشكلة. * رئيس مركز ارك للدراسات والاستشارات