دائما، تقاس الإنجازات بحجم التميز والنبوغ والعبقرية في مجال معين، وتقاس أيضا بحصد المراكز وحصد الجوائز والحوافز وكشف واكتشاف المعرفة الجديدة، والتي تضيف إضافة حقيقية للمجتمعات، خصوصا إذا جاء هذا الانجاز والتميز في محفل عالمي. وفي كل يوم تسجل المرأة في بلادنا حضورا كبيرا يؤكد فاعليتها وقدرتها على التميز والإنتاج، ولعل الإنجاز الكبير الذي حققته الباحثة السعودية الدكتورة هند بنت عبدالله الجهني، مؤخرا، في حصولها على المركز الثالث كأفضل بحث على مستوى العالم تم عرضه في مؤتمر بروما، بعنوان إزالة المركبات العضوية من مياه الصرف الصحي، يمثل إنجازا كبيرا للوطن أولا، وللباحثة المتميزة ثانيا.. وهند الجهني مبتعثة من جامعة تبوك فرع كلية الوجه الجامعية لدراسة مرحلة الدكتوراه في تخصص كيمياء الحفز، وجاء بحثها العلمي الفائز ليركز على استخدام تقنية النانو، وهي التقنية العلمية الجديدة التي تعيشها ميادين العلم والبحث والمعرفة، حيث استطاعت وبقدرة علمية عالية إزالة المركبات العضوية في مياه الصرف الصحي لإعادة استخدامها في ري المزارع دون أن تكون فيها أية عوالق تسبب وباء في المنتجات الزراعية، كما أن البحث يهدف لدراسة العوامل المختلفة التي تؤثر على إزالة الأنيلين، وجاءت النتائج العلمية لبحث العالمة السعودية هند الجهني أنه يمكن إزالة الأنيلين من المياه الملوثة باستخدام 40 ملجم من أنابيب الكربون النانوية، وتحقق لها خلال عدة دقائق أظهرت دراسة الديناميكا الحركية أن عملية الادمصاص تتبع نموذج الرتبة الثانية الكاذبة، وأيضا أظهرت دراسة الديناميكا الحرارية أن الادمصاص تلقائي وطارد للحرارة وتقل فيه العشوائية. وهذا البحث حين حصد المركز الثالث عالميا، فهو يأتي محققا لمتطلبات مهمة في هذه المرحلة، حيث الحاجة والطلب يتزايدان على الماء في كل مناحي الحياة.. وتأتي تطلعات الباحثة لتنفيذ وتطبيق هذا المنجز العلمي ونقله من الحيز المعملي إلى حيز الواقع، فتقول إنها ستقوم بأخذ عينة حية من مياه ملوثة، مثل بحيرة المسك في مدينة جدة، مؤكدة أنها ستقوم بعقد اجتماع خلال الأسابيع المقبلة مع شركة يابانية، وسوف تحاول عرض فكرتها لديهم، وسوف يقومون بعرض ما لديهم من أجهزة متخصصة لدعم الفكرة وتطويرها صناعيا، وتتطلع أيضا على المستوى المحلي إلى تكوين فريق بحثي لعمل منظومة متكاملة لدعم مشروعها العلمي الجديد. ولعلنا أيضا نتساءل: هل ستجد هذه العالمة المبدعة صاحبة هذا الانجاز العلمي الجدير بالاهتمام والتفاعل.. هل ستجد الاحتفاء والدعم من وزارة التعليم العالي، ومن جامعة تبوك؛ لتحقيق تطلعاتها الكبيرة على أرض الواقع، وهل ستجد الدعم الذي يحتاجه مشروع علمي جديد كهذا. إنني على يقين أن معالي مدير جامعة تبوك الدكتور عبدالعزيز العنزي ووكيله الدكتور فالح السلمي والقيادات الأكاديمية في الجامعة قادرون بإذن الله على دعم واستثمار هذا المشروع والمنجز العلمي لباحثة كبيرة من تبوك، وتحويل منجزها العلمي إلى مشروع يصل للمملكة والعالم.