أثنى خبراء اللغة العربية والمراجع التعليمية على خطة المشروع العربي 21 الذي تطلقه مؤسسة الفكر العربي للإسهام في تطوير تعلم اللغة العربية وتعليمها عبر الإنترنت، معتبرين أن لغة الضاد لغة متغيرة غير ثابتة، ولا بد لها من المعاصرة أسلوبا ومادة، ورأوا أن أي قول يذهب إلى أن هذا التوجه المعاصر خاطئ يعد كلاما مردودا. وقال ل«عكاظ» مدير كلية الآداب السابق في الجامعة اللبنانية الدكتور وجيه فانوس: «يمكن النظر إلى مشروع (عربي 21) الذي أقدمت عليه مؤسسة الفكر العربي على أنه من باب الحرص على العناية باللغة العربية والسعي الدائم لمواكبتها للعصر أسلوبا ومادة»، مضيفا: «العربية كلسان تبقى في أساسياتها لا تتغير، ولكن لا بد لها من المعاصرة والتغيير، وهذا التغير لا بد من أن يراعي أصول اللسان، ويأتي جهد مؤسسة الفكر الذي تقوم به كشهادة لما تقدمه هذه المؤسسة من رعاية وعناية بمستقبل اللغة العربية ضمن المحافظة على أصالتها». وحول ما إذا كان هناك خوف على معاصرة اللغة العربية، ذكر فانوس «دائما هناك تمييز بين اللسان واللغة العربية، فاللسان هو الأساس الذي تنهض عليه اللغة العربية، وإذا ما راجعنا نصوص القرآن الكريم، فان النصوص تتحدث عن اللسان ولا تشير إلى اللغة العربية»، موضحا أن «اللغة هي أساسا من اللغو، وهو الكلام الزائل والمتغير، واللغة من واجبها التغيير والتأقلم مع المعطيات التي تواجهها، أما اللسان فهو ثابت لا يتغير، والعناية باللغة العربية المعاصرة هي في استمرار اللسان العربي الثابت». من جهته، أثنى رئيس اتحاد الكتاب اللبنانيين السابق الدكتور روحي البعلبكي على الخطوة وقال: «نواجه اليوم تحولا في الحصول على المعرفة يكمن في الانتقال من المطبوع إلى المرئي، وبالتالي الانكفاء عن الورق والاتجاه نحو الشاشة، وحتمية الاندفاع في ركب التطور تجعل من البديهي أن يتوجه صاحب الرسالة اللغوية إلى المتلقي عن طريق السبل التي يختارها المتلقي قبل سواها، أي الإنترنت. ولكن يبقى المهم ليس الوسيلة (الإنترنت) بل الأسلوب؛ لأن المهمة هي نفسها، وهي مهمة إيصال اللغة العربية والدفاع عنها والحفاظ عليها»، مستغربا «الاتجاه الكلاسيكي نحو شبابنا المعاصر الذي يفضل اللغة البسيطة والسهلة، وهناك من لا يزال يعمد إلى حصر اللغة العربية في القرن الرابع الهجري حسبما تدل مؤلفات المعجميين العرب». واستشهد البعلبكي بالذين يعملون في تأليف المعاجم العربية، وهو أحد هؤلاء المؤلفين، والصعوبات التي يواجهونها من أجل تقديم صورة عصرية بمستوى عالٍ من التأليف، مقترحا على المشرفين والتربويين والمؤلفين تضمين المعجم العربي المعاصر النقاط التالية: الترتيب الألف بائي والاستغناء عن الجذور، وضع تعريفات مبسطة لكل كلمة، الفصل بين المعاني التي يجب أن تكون مختلطة، وإيراد الصيغ التي تهملها القواميس كالمصدر والمؤنث والجمع. وطالب بأن يكون التوجه التعليمي عصريا؛ لأن اللغة العربية استوعبت كل العلوم ويمكننا التغيير يوميا باللغة العربية، وهو من الضرورات، ويكون ذلك عبر توحيد المصطلح الخاضع للاجتهاد، والاجتهاد اليوم ما زال غير مضبوط. وحول الدورات التي أتاحتها مؤسسة الفكر العربي على موقعها لمعلمي اللغة العربية، قال البعلبكي إن «إقامة دورات تدريبية لتعلم وتعليم اللغة العربية عبر الإنترنت توجه إيجابي، وكل قول بأن هذا التوجه المعاصر مخالف لطبيعة اللغة العربية قول مردود»، مشيرا إلى أن القول بأن هذا التطور نوع من التزيد قول لما ينطوي عليه من تعامٍ للواقع الذي يلجأ فيه المتلقي إلى الإنترنت. واستطرد «نحن اليوم مهمتنا كمؤلفين ومشرفين وتربويين ومسؤولين عن اللغة العربية أن نهتم بالمتلقي الذي لم يعد يمسك بالورق، مهمتنا أن نكون متماسكين على الأرض التي يقف عليها شبابنا المعاصر، وأن ننقي لغة الإنترنت من بعض الشوائب، والعمل جارٍ على ذلك».