هل يجوز الأكل من طعام غير أهل الكتاب من غير أهل الديانات السماوية؟، وهل يجوز تناول ذبائحهم؟.. جاء هذان الاستفساران بإلحاح من الكثير، بعد فتوى بثتها وكالة يونايتد برس إنترناشونال، نقلا عن صحيفة الجزيرة لعضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المنيع يحرم فيها تناول الطعام الذي تعده الخادمات غير الكتابيات، وكذلك عمال المطاعم من غير الديانات السماوية، مطالبا ربات البيوت ممن لديهن خادمات غير كتابيات بضرورة تفريغ أمثال أولئك الخادمات لأعمال التنظيف فقط. ربما الأمر اختلط لدى البعض في التفرقة بين «أهل الكتاب» من أهل الديانات السماوية، وهم اليهود والنصارى، وبين غير أهل الكتاب من غير أهل الديانات السماوية، مثل البوذيين والمجوس. عضو هيئة التدريس في الجامعات الإسلامية في المدينةالمنورة الدكتور هاني فقيه، علق على تلك الفتوى بقوله: «ما جاء عن الشيخ ابن منيع ينبغي التحري في قوله، فلربما نقل عنه خطأ، فهو عالم جليل ومعروف بالفضل والتحري والبعد عن الشذوذ في الفتوى، أما إن كان قد قصد أن التحريم منطبق على تحضير الطعام فلا يحتج بهذا القول». وأضاف: «إذا شك المرء في لحوم بعض المطاعم، فينبغي البقاء على الأصل وهو الإباحة حتى يردنا ما يؤكد ظنوننا»، مجيزا بذلك تناول الطعام المحضر من غير أهل الكتاب ويحرم الأكل من ذبائحهم. وعقب فقيه بقوله: «يجوز تناول الطعام المحضر من غير أهل الكتاب ويحرم الأكل من ذبائحهم»، لافتا إلى أن جمهور العلماء ذهبوا إلى أن المقصود بقوله تعالى: (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم)، هي الذبائح، أما غير أهل الكتاب فلا تنطبق القاعدة عليهم، متطرقا إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن المجوسيين حينما قال: (سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير آكلي ذبائحهم ولا ناكحي نسائهم)، مؤكدا أن الدين الإسلامي ينظر لأهل الكتاب بإيجابية وأنهم أقرب من الوثنيين. لكن بعض الشرعيين أكدوا جواز تناول طعام الخادمات غير المسلمات أو الكتابيات ويدخل في ذلك كل ما يعده عمال المطاعم من أهل الكتاب، ولكن الحرمة تكون في تناول ذبائحهم، أما تناول لحوم المطاعم، فأوضحوا أن الأصل فيه الجواز؛ لأنها إما أن تكون محلية أو قادمة من بلد مسلم. فالدكتور صالح بن غانم السدلان أستاذ الفقه في قسم الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية يوضح أن تناول الطعام المحضر من الخادمات الكتابيات أو الوثنيات جائز، ولكنه يرى أن الأفضل هو التناول من طعام المسلمة. وبين أن الإشكال يكمن في الذبائح، مشيرا إلى أن العاملين في المطاعم من غير المسلمين لا بأس بتحضيرهم للطعام، ولا ينبغي الامتناع عن ورود تلك المطاعم خوفا من ذبائحهم؛ لأن الأصل أن وزارة التجارة لا تسمح بدخول اللحوم المشتبه بها. وافقه في ذلك الدكتور محمد موسى الشريف عضو هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز بقوله: «يجوز تناول الطعام المحضر من غير المسلمات أو الكتابيات، أما المحرم فيقتصر على ذبائح غير المسلمين وغير أهل الكتاب». وأشار إلى أن إعداد الطعام أو طبخ اللحم من قبل غير المسلمات ليس محرما «لا ينبغي التخوف من تناول وجبات المطاعم التي يعمل فيها أهل الديانات الأخرى؛ لأن الأصل أن لحومها محلية أو قادمة من بلد مسلم، وفي حال معرفة الشخص مصدر اللحوم، وتبين أنها لغير أهل الكتاب وتمت بطريقة غير شرعية، فلا يجوز له الأكل منها».