قال إنه عند التحاقه بالمعهد السعودي بمكة عام 1349ه (1930م) كانت تصدر في مكة جريدتان -بل لم يكن يصدر في البلاد سواهما- وقال: «.. وكل شاب يتطلع إلى الظهور والبروز بمختلف الوسائل الممكنة فلا بدع أن أحس بميل قوي في المشاركة في الكتابة، كبعض زملائي الذين بدت أسماؤهم تبرز في بعض الصحف.. وكم تمنيت حين اطلع على ما كنت أطلب من المشرفين على تحرير بعض الصحف في تلك الفترة نشره مما كتبته، بل كنت ألح في ذلك وأتهم بعضهم حين يصارحني بأنه ليس صالحا للنشر بأن له دوافع أخرى، وأكاد الآن أن أتوارى خجلا حين يبرزه أحد (العابثين) من أدبائنا متمنيا أن يبقى لسخفه وتفاهته (موؤودا)! كان من أوائل ما نشر من كتاباتي كلمة بعنوان: (قل الحق ولو كان مرا) نشرت في جريدة (صوت الحجاز) سنة 1349ه وقد استدرك فيما بعد وقال إن هذا الموضوع قد نشر في العدد السابع والثلاثين من السنة الأولى بتاريخ 21/8/1351ه وذلك مناصرة لزميله عبدالله عبدالغني خياط بعنوان: (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) نشرت بتاريخ 28/3/1351ه يرد فيها على كلمة نشرها رئيس تحرير (صوت الحجاز) السيد محمد حسن فقي «.. وكانت روح التشاؤم تبدو على كتاباته منذ أول عهده بالكتابة، فكان أن تذمر وشكا دهره، فما كان من عبدالله عبدالغني خياط -وكان طالبا في المعهد- إلا أن كتب مقاله سابق الذكر.. ثم قال: «.. ولكنني -مدفوعا بالرغبة بالظهور- بعثت بكلمة إلى الجريدة، مناصرا رأيه، ومؤيدا، فنشرت، ولا تسل عما غمرني من السرور حين رأيت اسمي بارزا في إحدى الصفحات مما زادني استرسالا في هذا المجال، غير مفكر بما لتسرع من مساوئ. لقد أردت أن ألج بابا آخر من أبواب البروز فصرت ألفق ما أتوهمه شعرا، وما هو سوى كلمات مرصوفة تافهة المعاني، وجعلت أكثر التردد والإلحاح على رئيس تحرير تلك الصحيفة لتنشر، ولا أصيخ لنصحه حين يحاول أن يقنعني بأنني بحاجة إلى الاستزادة من المعرفة.. ولعل أقدم ما نشر لي من ذلك مما توهمته شعرا وهو أبعد ما يكون عن الشعر منظومة بعنوان (ولا تحتجز إلا لحج وعمرة).. كما نشرت لي (صوت الحجاز) من ذلك السخف بعنوان (رباعيات) بتوقيع (بدوي نجد الجاسر)..»( ). وقال إنه عندما بدأت (صوت الحجاز) تنشر له نظما ساقطا مما كان ينبغي عدم إبرازه لضعفه وسخفه ومنه هذيان بعنوان: (هناك مرام النفس من كل مطلب) كان استاذه بالمعهد السعودي الشيخ محمد بن عثمان الشاوي من المعجبين به، واندفع يحثه على مطالعة كتب الأدب القديم، ويحذره من أن تفسد ملكته الكتب العصرية ( ).. إلخ. «.. ونماذج أخرى أعفي القارئ بل أعفي نفسي قبل ذلك من عرض ما يغثي النفس ويكشف ما فيّ من عوار النقص، ولكن المناسبة دعت إلى إبداء هداه السوانح، التي التزمت عند تدوينها أن تبدو على أنصع ما يكون من الوضوح والصراحة، ما وجدت لذلك سبيلا..». وقال في موضع آخر أنه سافر إلى أبها على 1353ه بعد نهاية الدراسة ونظم قصيدة لمدح أمير عسير تركي بن أحمد السديري: «.. صليت الجمعة في المسجد الذي يصلي فيه الأمير السديري وبعد الصلاة سلمت عليه وكنت لفقت نظما في مدحه لأحظى بجائزة منه أوله: لا تعج بي على الربوع الخوالي أي نفع أنا له بالسؤال؟ ولكن الأمير أحسن إلي فحرمني حتى من دعوتي إلى القصر كما كان يدعى كثير من الضيوف، ولعله لو فعل لا سترسلت في تلك العادة الذميمة، عادة (لاستجداء)!! وتلك إحدى (هفواتي) التي يجب سترها لو احترمت نفسي!! (). وقد واصل الأستاذ حمد الجاسر، بعد ذلك، مطالعاته، وتعمق في بحوثه ودراساته رغم عمله في القضاء ثم التدريس ثم البعثة الدراسية العليا لمصر؛ ولهذا نجد الأستاذ عبد الله عريف رئيس تحرير جريدة (البلاد السعودية) يقول عنه في العدد (675) ليوم الاثنين 28 ذي القعدة 1366ه، الموافق 13 أكتوبر 1947م، ضمن زاوية (شخصيات وأدباء): «حمد الجاسر؛ لا تبالغ فيه، إن قلت إنه يشتم رائحة الخطأ في أي بحث تاريخي فيعدو إلى المراجع بقوة عجيبة، يراجع، ويراجع حتى يصل إلى الصواب فيه. إنه من الندرة الأفذاذ اطلاعا، ومعرفة، وطول المران، جعله كبير الثقة في نفسه من هذه الناحية، ما أحسنه مدرسا في مسجد، ومعلقا في صحيفة، ومطالعا في مكتبة».