لاحظت مثلما لاحظ غيري بأن فئات من الناس استسهلوا إطلاق بعض الألقاب على غير أهلها حتى عجت الساحة الثقافية بنخبة من المثقفين والمفكرين الوهميين الذين وصلوا إلى هذه الألقاب من خلال تزكيات مضللة، تستند إلى معايير مزاجية صرفة، بعيدة كل البعد عن الموضوعية. أرباب الثقافة الوهمية يعلمون في قرارة أنفسهم بأنهم لا ينتمون إلى الثقافة والفكر انتماء فعليا، وليس لهم أية صلة بتلك الألقاب ومع ذلك يدعون إلى الملتقيات والندوات ويعتلون منابر الأندية الأدبية، وعندما يستضافون تكشف الحقائق، فلا يتحدثون عن ذواتهم التي عرفوا بها، ولا عن مبادئهم وأفكارهم التي يسهمون في نشرها، مدركين بأنهم لن يفلتوا من شبح التناقض الذي يجبرهم على جلد ذواتهم حينا تلو حين، ومنهم من يشترط على مدير الحوار أو الأمسية عدم طرح بعض التساؤلات وإعفائه من الإجابة، وبالتالي ينغمسون في مدح بعض الآراء والرؤى المتفق عليها، ويصدفون عن التوجهات المثيرة، حتى يكاد المتلقي أن يغير آراءه تجاه أفكارهم المثيرة للجدل ويتهم نفسه بالجهل حيال قراءته لأفكارهم. هؤلاء المثقفون دخلوا من سدة الثقافة محمولين على الأكتاف، فليس المتابع هو الذي يحار في أمرهم، ولا يعلم مصيرهم وأين يريدون أن يصلوا، وما أهدافهم، بل هم أيضا يجهلون مصيرهم؛ لأنهم يكتبون ويتحدثون دون قناعة، مما جعلهم يرضخون لحامليهم على الأكتاف ويسمحون لهم بخطف عقولهم. دخيل البحيري