المؤشر التصاعدي في الإيرادات التي تجاوزت مستوى الترليون للمرة الثانية على التوالي والتحول من العجز في الموازنة في 2009 إلى تحقيق أكبر فائض في العام المنصرم غير مستغرب طالما أن المملكة تتعامل باحترافية مع سوق النفط العالمية وفي كل عام ترصد المملكة الميزانية الأكبر في تاريخها وفقا لمعطيات السوق إلا أن الذي يستدعي وقفة التأمل هو استغلال المعطيات في تنمية الوطن ورفاهية المواطن فكم من الدول النفطية حظيت بثروات كبيرة على مر الزمن ولم تحظ شعوبها بالرعاية التنموية كما هو الحال في المملكة، حيث يستشعر ولي الأمر حفظه الله بمتطلبات التنمية المستدامة وفقا لخطط خمسية تنموية مسبقة وصلت دورتها التاسعة فخصص من الموازنة الجديدة ما نسبته 35% لمشاريع تنموية في التعليم والصحة والخدمات الأمنية والاجتماعية والبلدية والمياه والصرف الصحى والطرق والتعاملات الإلكترونية ودعم البحث العلمي وهذه المشاريع التنموية ستكون متاحة للقطاع الخاص لتنشط دورته ودوره في التنمية وينبغى التركيز هنا على توطين المشاريع وتوطين وظائفها بما يحقق توطين الاستفادة من معطيات الموازنة كما ينبغي أيضا التشديد على الوقاية من التعثر في المشاريع والوقاية من الفساد حتى تتحقق المعطيات على الوجه الأكمل. ومن أبرز ملامح الموازنة الجديدة اهتمامها بالعناية بالعقل السليم والجسم السليم للمواطن السعودي، حيث بلغ المخصص لتأهيل العقول في مساراته الأربعة من تعليم عام وتعليم عال وبرامج ابتعاث وتعليم فني وتدريب مهني نسبة 25% من النفقات، كما خصص لمشاريع العناية بصحة المواطن نسبة 12% لمراكز صحية ومستشفيات جديدة ومدن طبية وهذا بالطبع يحقق التوازن في تنمية المكان والإنسان والتنمية المادية مع التنمية البشرية، كما يحقق معدلات أسرع في التحول لمجتمع المعرفة وقد أدى ذلك كله إلى استحقاق المملكة ثناء صندوق النقد الدولي في حسن استغلال الإيرادات النفطية في التنمية المحلية واستحقاقها المرتبة الأولى في تنفيذ الالتزامات على مستوى مجموعة العشرين. وقد حظيت المملكة بوفورات وفوائض مالية على مدار الثلاث سنوات الماضية بما مكنها من تخفيض الدين العام وتبني مشاريع إضافية وبنية تحتية أخرى مثل توسعة الحرمين الشريفين وخدمات المشاعر المقدسة والنقل العام بين المدن وداخلها وتحمل الإعفاءات والتعويضات والتزامات مالية لمصلحة المواطن بالإضافة إلى بناء احتياطيات قوية ومحافظ استثمارية تعزز الملاءة المالية للمملكة مما جعلها تحافظ على التصنيف الائتماني لها في مستوى AA حسب ستاندرآندبورز. إننا نأمل أن يحظى التوسع في مشاريع الإسكان وتخطيط الضواحي السكنية النموذجية في أطراف المدن الرئيسة واستكمال البنى التحتية للمحافظات النصيب الوافر من الفوائض المالية أو في موازنة العام القادم. إن البنى التحتية للتنمية المستدامه التى تظهر ملامحها في موازانات الدولة ستحقق بإذن الله الرفاهية والعيش الكريم للأجيال في هذا الوطن المعطاء الذي أنعم الله عليه بنعمة الأمن والأمان فهنيئا لنا بولاة الأمر وهنيئا لهم بالشعب السعودي الطيب إننا نحبهم وإنهم يحبوننا والحمد لله على ما أعطى ورزق.