الحوثية تسعى لإحداث تحول في بنية المذهب الزيدي ليصبح هوية وانتماء جوهريا من خلال تحفيز المذهب بآليات إسلاموية وتثوير البنية القبيلة والتكوينات العرقية، حتى اللحظة، ما زالت الحوثية أيدولوجيا هشة ومشتتة وهي أشبه ببيانات انفعالية وشعارات عامة يتم من خلالها تعبئة الأفراد وتحفيزهم لصالح بناء مركز قوة مرتبط بالعائلة الحوثية، وكلما توسعت عقائدها أثارت صراعا في بنية القبيلة وبعثت الخوف لدى النخبة القبلية. الشيخ القبلي، نتيجة طبيعة الحركة الحوثية، تتعارض مصالحه مع الزحف الأيدولوجي الذي يسعى لتعميم القوة لمركز ديني قبلي مآله جعل النخبة القبلية تابع لمنتجي الأيدولوجيا وهو أمام خيارين: إما أن يقاوم البنية التنظيمية للمذهب الحوثي لمقاومة اكتساحها للعقول والمكان، أو يسعى بشكل جاد ومكثف لتنظيم أبناء القبيلة في حركة دينية بما يفقده القدرة على السيطرة، ناهيك عن أن هذا الأمر يفقد القبيلة لحمتها العصبية وينتج نزاعا داخليا تعتقد النخبة القبلية أنه سينتهي لصالح التنظيم الذي أصبح يدير معاركه بوعي قبلي عصبوي مسنود بوعي ديني يعلي من شأن الفقيه الأيدولوجي. البنية العقدية للزيدية المتحولة تكتسح جغرافيا القبائل دون أن تلغي وعيهم القبلي ولكنها تعيد محورته لصالح منتجي الأيدولوجيا، ويتحول المؤدلج الجديد حتى وإن كان ينتمي إلى نخبة القبيلة إلى مقاتل في كتائب التنظيم، ومآلاتها أنها تعيد صياغة وعي القبيلة لينتهي بعصبية جديدة تأخذ بعدا دينيا للفقيه المؤدلج. تعاني الجغرافيا في مناطق القبائل من عزلة ثقافية عن العالم، واقتصادياتها لم تعد قادرة على إشباع الحاجات فتتحول الأيدولوجيا إلى قوة سياسية لنيل موارد الدولة وريع خارجي، وهذا يجعل من الحوثية تحديا لأطراف كثيرة، مع ملاحظة أن الحراك في الوسط الزيدي أفرز أربعة اتجاهات: الأول اتجاه تقليدي متعصب للمذهب وعقائده، والثاني مرن ومتحرر من العقائد المذهبية المثيرة للجدل كعقيدة الباطنيين، وهذا الاتجاه فتح أفقا للتواصل مع المذاهب الدينية الأخرى، واتجاه ثالث يتعامل مع الزيدية كمنهج لفهم الاتجاه الرابع وتتمثل الحوثية التي تعيد صياغة المذهب بقالب أيدولوجي ثوري دون أن يغادر الزيدية، بل يؤسس لزيدية جارودية متعصبة مترسنة بآليات الثورة الخمينية.