توجه المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي أمس إلى موسكو التي سبقه إليها مساعد وزير الخارجية السوري فيصل المقداد حيث سيبلغه القادة الروس بالرد السوري على المقترحات التي قدمها في دمشق فيما يبدو وكأنه المسعى الأخير قبل التحولات الكبرى في العام الجديد، مما يطرح التساؤل حول قدرة التفاهم الأمريكي الروسي على إحداث خرق في جدار الأزمة السورية. المراقب للموقف الروسي من الأزمة السورية خاصة في الأسابيع الأخيرة يستخلص أمرين، الأول: هو الإرباك تجاه تسارع الأوضاع الميدانية لصالح المعارضة والجيش الحر وتوجه المعارضة لتحرير شمال سوريا بالكامل. والأمر الثاني: هو قفز روسيا إلى مربع جديد في قراءة الأوضاع السورية، فبعدما كانت تتحدث عن قوة النظام وقدرته على الإمساك بالأمور نرى أنها بدأت وعلى لسان كبار المسؤولين فيها تتحدث عن الخيار بين الحل السياسي أو الفوضى العارمة داخل سورية ومنطقة الشرق الأوسط. التحولات الروسية تجاه الأزمة السورية واضحة، وهو ما يؤسس لقراءة موضوعية بالحراك أو ربما المبادرة الأمريكية الروسية رغم نكران الروس لها والتي حملها المبعوث العربي والدولي الأخضر الإبراهيمي إلى الرئيس السوري بشار الأسد. فروسيا وبمهلة أمريكية وهنا تعبير «المهلة» أدق من تعبير «الدعم» تخوض ورقتها السياسية الأخيرة في سورية في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من وجود مصالح على ضفة المتوسط. المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي كان واضحا في تفاصيل المبادرة والتي تنص على حكومة انتقالية كاملة الصلاحية وعلى مغادرة مؤجلة للرئيس بشار الأسد من الحكم ليكمل الإبراهيمي تفسيرها بقوله سورية ليست في حاجة لعملية تجميلية ولا إلى تسوية محدودة، هي بحاجة إلى تغيير شامل والمعنيون بذلك يعرفون ما معنى التغيير الشامل. المبادرة الروسية الأمريكية التي حملها الإبراهيمي إلى دمشق ليست مفتوحة زمنيا بل هي مطروحة بسقف زمني محدود تؤكد كافة الأوساط المتابعة أنه الشهر الأول من العام الجديد 2013. وبالتالي فإن سقوط هذا الحراك يعني الدخول في فصل جديد من فصول المأساة السورية، قد لا تكون ملامحه واضحة تماما، إلا أن عنوانه الرئيسي هو الحسم. ومن المؤكد أن هذا الحسم هو ضد النظام الحالي وليس لمصلحته، فالدفاع كثيرا عن المواقع التي يسيطر عليها النظام لن يستمر طويلا سواء عبر تطور حضور الجيش السوري الحر ميدانيا أو عبر الزاوية السياسية، حيث بات العالم بحاجة لوضع نقطة بنهاية السطر في الأزمة السورية. كثيرون يتحدثون عن «فبراير» ويضربون فيه المواعيد لنهاية الأزمة السورية حتى إن البعض يذهب إلى أبعد من ذلك، فحدد يوما محددا في فبراير ربما لأنه بدأت فيه الثورة وتتم فيه عامها الثاني، أو ربما لأن دمشق وفي الأسبوع الأخير من فبراير تبدأ استعداداتها لاستقبال فصل الربيع، إلا أنه في السياسة، فإن كل الأمور مرهونة بأوقاتها، وما يمكن المراهنة عليه الآن هو أن المبادرة الروسية الأمريكية هي الورقة السياسية الأخيرة التي يمكن لنظام بشار الأسد أن يراهن عليها، فهي طوق النجاة، ليس لحكم، بل لأشخاص لا بد أن يخرجوا من الحكم.