زار الأخضر الإبراهيمي المبعوث العربي والأممي دمشق وهو يدرك صعوبة المهمة التي انتدب من أجلها، ولكنه بدد تخوفه من فشل مهمته بالقول: «رأيت أنه من حقي أن أعمل قدر المستطاع علي مساعدة الشعب السوري» وزاد من عزيمة نفسه قائلا: «إنني في خدمة الشعب السوري». الإبراهيمي في سورية التقى قيادات النظام الدموي وكله أمل لكن السؤال هل نظام بشار الأسد يسمح لفسحة الأمل أن تحيا دون قتل ودماء؟ وهل احترم النظام وجود مبعوث أممي وأوقف القتل ؟. ليس الحدث أن المبعوث العربي والدولي إلى سورية الأخضر الإبراهيمي يزور العاصمة دمشق للمرة الأولى منذ تسلمه مهامه، بل الحدث تمحور في الدرجة التي وصلت إليها وقاحة النظام السوري في التعاطي مع المجتمع الدولي ومبعوثيه، ففي التجارب السابقة كان النظام يلجأ إلى تهدئة الأمور عند وصول المبعوثين إليه بداية مع السوداني الفريق الدابي، ثم مع كوفي عنان، إلا أن النظام هذه المرة وعكس كل المحطات السابقة أراد توجيه رسالة واضحة إلى الإبراهيمي، ومن أرسله وكلفه بالمهمة الجديدة. فما أن حطت طائرة الإبراهيمي في مطار دمشق الدولي حتى بدأت قوات النظام بقصف بعض الأحياء الدمشقية بعنف برا وجوا، حتى أن الإبراهيمي وهو يعبر طريق مطار دمشق باتجاه الفندق لم يكن من الصعوبة سماع صوت الصواريخ والقذائف... وقاحة مستجدة في شكلها وحجمها يلجأ إليها نظام بشار الأسد ليقول للعالم إن آلة القتل لن تتوقف، وخيار الدم لا خيار غيره وهو المدرك أن العالم لا يستطيع ولا يريد الرد. وأنه مستمر في المجازر حتى في ظل وجود الإبراهيمي. الأخضر الإبراهيمي وفي مطار دمشق قال جملة واضحة لا لبس فيها : «الأزمة في سورية تتفاقم ويجب وقف النزيف». لقد شخص الحالة ووجوب معالجتها إلا أن الدواء لا يملكه الإبراهيمي ولا من سبقه. الجرأة على إعلانه ليست جبنا في شخص المبعوثين بقدر ما هي ترجمة للعجز الدولي الذي يرسل المبعوثين دون غطاء سياسي. المبعوث الدولي والعربي يلتقي وليد المعلم، ثم بشار الأسد ليعود بعد ذلك كما جاء خالي اليدين. و تتفاقم الأزمة ولا أحد يستطيع وقف نزيف الدم السوري اليومي، و ليس المطلوب من الإبراهيمي أن يعلن أن الأزمة تتفاقم فلولا تفاقمها لما أرسل كمبعوث لدمشق، ولولا الحاجة لوقف نزيفها لما كانت هناك أزمة. بل المطلوب من الإبراهيمي أن يحدد كيفية وقف هذا النزيف، وإنهاء المجازر. مطلوب شجاعة تضع النقاط على الحروف؛ لتقول إن بشار الأسد ونظامه لا يريدون غير القتل، وأن أي تسوية سياسية مستحيلة مع هذا النظام المطالب بالرحيل فورا. فمن يقتل شعبه لا يحق له بالحكم. هذا ما ردده الكثير من القادة في العالم، وهذا ما على الإبراهيمي أن يعبر عنه في ختام زيارته لدمشق، فالسكوت جريمة.. المئات يسقطون بشكل يومي وبدم بارد ليس لأن النظام يمتلك السلاح. وامتهن الإجرام، بل لأن العالم صامت لا يتحرك والساكت عن الحق شيطان أخرس. وأخيرا نقول الإبراهيمي في دمشق .. لا جديد .. مكانك سر ؟