يبدو أن الحالة السياسية اليمنية حبلى بالكثير من التعقيدات نتاج تعدد مراكز القوى السياسية والعسكرية والاجتماعية وتناقضات الخطاب الجغرافي والفكري، التي أفرزتها مراحل سابقة أنضجت كل هذا الاختلاف الذي يسير حثيثا نحو حافة الخطر، لولا الكثير من الحكمة التي تمتلكها اليمن متمثلة بعدد من رموزها وقاداتها الذين يستشعرون صعوبة المرحلة وأهمية الالتفاف الأخلاقي لاحتوائها تجنبا للهزات غير محمودة العواقب. إن المرحلة الراهنة وهي تمضي على حقل من الألغام والتراكمات تستدعي تجرد الجميع من محمولات الخطاب السياسي والإعلامي الذي ينضح بالذاتية ورفض الآخر، والاتفاق على صيغة عمل مستقبلية تستلهم أبجدية وروح المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن والرؤى والمواقف العقلانية للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والتحالفات المختلفة، والتي تصب جميعها في إطار حماية التسوية السياسية من الانزلاق نحو المجهول، وتبديد نذر المماحكات التي يمكن لها أن تطمس مرحلة الوفاق، وتعيدنا إلى المربع الأول. إن هذه المرحلة ستشكل علامة فارقة في التأريخ اليمني لصعوبتها ودقة وحساسية الحالة الراهنة ذهنيا وواقعيا، ويمكن ومن خلال إنجاحها أن تمثل مدخلا نحو المستقبل، بعد أن ينجز اليمنيون حوارهم السياسي، ويكتبون دستورهم بما يعادل حجم تضحياتهم ونضالاتهم، بعيدا عن الرؤى الضيقة التي لا تنتج غير التشرذم والتفتت والدمار. وما نأمله أن يلتف الجميع حول اليمن لإخراجه من أزمته؛ لكي يعود الأمن والاستقرار، ويعيش جميع اليمنيين في أمن وأمان وسلام، ويقطعوا الطريق أمام كل من يريد الإساءة لليمن وتحويله ناحية الصراع.