تعد «جودة الأداء» في أي مجال هدفا مأمولا للمنتج والمستهلك على حد سواء. ومن هذا المنطلق ظهرت هيئات ومؤسسات حكومية وأهلية معنية بقياس جودة الأداء. وفي القطاع الصحي الذي يتعلق بأغلى ما يملك الانسان ألا وهو «صحته» تعد جودة الأداء مطلبا حيويا ملحا.. وأولوية يتوجب أن تكون مطلقة. ومن هذا المنطلق أنشئ العديد من الهيئات العالمية المعنية بوضع معايير الأداء وقياس جودة تطبيقها.. ولعل في مقدمة هذه الهيئات الهيئة الأمريكية المشتركة لاعتماد المستشفيات The Joint Commission for Hospital Accreditation وفي المملكة لدينا (المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية). ولكن المؤسف أن هدف الكثير من مستشفياتنا أصبح متمحورا حول الحصول على شهادة الاعتماد والتفاخر بها.. بصرف النظر عن تطوير جودة الأداء وتحسين الخدمات. حيث تقوم بعض المستشفيات بإجراء بعض التحسينات وتطبيق بعض الإجراءات «المؤقتة» مع اقتراب موعد زيارة فريق هيئة الاعتماد.. ثم ما تلبث أن تعود لسابق عهدها وتزيل التحسينات وتتغاضى عن الإجراءات فور مغادرة الفريق!!. وليس أدل على ذلك من أن مستشفى عرفان الذي أقرت لجنة مختصة وجود ممارسات خاطئة ومتكررة فيه بني عليها قرار إغلاق المستشفى .. حصل على شهادة اعتماد Accreditation Certificate من المجلس المركزي الموقر لاعتماد المنشآت الصحية.. نصت هذه الشهادة على أن المستشفى اجتاز عملية التقييم ونجح في تطبيق المعايير الوطنية للمستشفيات في الجودة. وبناء عليه منح هذه الشهادة ولمدة ثلاث سنوات تنتهي في شهر رمضان 1436ه. بينما قرار اللجنة المختصة الذي صدر بناء عليه قرار الإغلاق صدر بعد ثلاثة أشهر فقط من تاريخ منح المستشفى شهادة الاعتماد من قبل المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية!!. وهذا ما أوضحه الزميل الدكتور عبدالعزيز حسنين في مقال سابق له بهذه الجريدة. هذه الواقعة تؤكد الحاجة الماسة إلى إعادة تقييم المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية.. وتصحيح مساره وتعديل آلياته وتطوير مخرجاته وإعادة هيكلته.. حتى يكون التقييم للمستشفى تقييما حقيقيا وليس صوريا.. فالمسألة يجب أن تكون مبنية على أسس جادة.. ويجب أن نخرج بها من مجرد منح للشهادات وتكثيف للفلاشات!! لا سيما ونحن نتحدث عن أداء وخدمات تتعلق بصحة الناس وسلامة أرواحهم. أما فيما يتعلق بالهيئة الأمريكية لاعتماد المستشفيات التي أكرمت بعض مستشفياتنا الحكومية والأهلية مؤخرا بشهاداتها مؤخرا!! فهي ليست الهيئة الأمريكية المعروفة.. بل هي هيئة أنشئت خصيصا للدول النامية.. معاييرها أدنى بفارق عن معايير الهيئة الأمريكية الأصلية.. فمسمى الهيئة الأمريكية المعروفة هو The Joint Commission for Hospital Accreditation بينما مسمى الهيئة الجديدة الخاصة بمستشفيات الدول النامية هو: Th Joint Commission International for Hospital Accreditation ومع هذا فإن الكثير من مستشفياتنا لم تجتز تقييم هذه الهيئة.. الأمر الذي يؤكد حاجتنا الماسة لتطوير الأداء الصحي في بلادنا.