تعتبر زيادة الاهتمام بطرح مواضيع خاصة بأخلاقيات الأعمال، ومدى تقيد الشركات بتلك الأخلاقيات والمفاهيم المصاحبة لها، مثل: الاهتمام بالمسؤولية الاجتماعية، والحوكمة، والتنمية المستدامة، ماهي إلا نتيجة لسلسلة من الممارسات الخاطئة وغير الأخلاقية التي تمارسها الشركات العالمية في أسواقها المحلية، وفي الأسواق العالمية. وفى هذا الصدد أذاعت قناة (البي. بي. سي) عن ملاحقة القضاء البريطاني لبعض الشركات العالمية مثل شركة جوجل، وأمازون، وستاربكس بسبب تهربها من دفع المستحق عليها من ضرائب، وحاولت الشركات الدفاع عن نفسها، ولكن الأدلة كانت أقوى من الأعذار التي جاءت بها لتبرر سلوكها غير الأخلاقي والخاطىء. وأما عن كيفية التهرب الضريبي للشركات المذكورة فتتم عن طريق اتباعها بعض الأساليب الاحترافية كما نشرت اللجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات في مقر مجلس الشيوخ الأمريكي، حيث أدلى ممثلون عن الشركات مثل: شركة مايكروسوفت، وشركة هيليوت كارد بالشهادة أنها استخدمت استراتيجيات لتفادي الضرائب المستحقة عليها عن طريق فتح فروع لها في الخارج مثل سنغافورة وإيرلندا ووفرت بذلك أكثر من 24 مليار ريال من الضرائب الفيدرالية على دخل تلك الشركات. وتأتي مثل هذه التصرفات في الوقت الذي تجني تلك الشركات أرباحا طائلة، وبشكل متصاعد، وتستفيد من الحوافز التي تقدمها الجهات الرسمية لها في البلدان التي تعمل بها، بالإضافة إلى تعامل الملايين من المستهلكين مع السلع والخدمات التي تقدمها تلك الشركات في جميع أسواق العالم. وعلى سبيل المثال تحقق شركة ستاربكس إيرادات سنوية 12 مليار ريال في العام، وزادت الإيرادات العام الحالي بنسبة 15 في المئة عن الماضي، وهي لاتقدم أي أعمال مجتمعية في البلدان التي تعمل بها سوى أنها تجني الأرباح وتتهرب من المسؤوليات. وأما شركة جوجل وفي آخر تقرير لها فقد بلغت أرباحها من قطاع خدمات الإنترنت فقط 24 مليار ريال في السنة، وقفزت الأرباح بنسبة 27 في المئة خلال العام حسب التقرير المنشور، وهي تحقق الأرباح من خلال مواقع الاتصالات، واليوتيوب، وسوق الإعلانات، وتأتي أكثر من 54 في المئة من إيراداتها من خارج أمريكا، ولم يسجل لها أي إنجازات في مجال العمل المجتمعي سوى الأعمال المحدودة. وفي ضوء تلك الحقائق يمكن القول إنه من المؤسف حقا أن تمارس مثل هذه الشركات أعمالها بصورة غير أخلاقية، في الوقت الذي تعيش في بيئة استثمارية متنامية، وتحقق الأرباح الكبيرة، ولاتقدم للمجتمع إلا القليل والنادر؛ لذلك يتطلب الأمر من هذه الشركات وغيرها من قطاع الأعمال سرعة مراجعة القواعد الأخلاقية للأعمال والتي تدعو إلى الاهتمام بالقيم والشفافية، واحترام المستهلك، والوفاء بالواجبات، وتحمل المسؤولية تجاه المجتمع، وإلا فإنها تفقد قدرتها التنافسية وسمعتها العالمية والتي تعتبر العامل الرئيس لنجاحها في الأسواق العالمية. [email protected]