استعرض الدكتور موسى العبيدان آراء بعض النقاد حول استعمال الشاعر للرمز اللغوي، موضحا أن النقاد لم يتفقوا على طريقة الشاعر في استعمال اللغة، ومعتبرا أن ذلك لا يمنع من أن يكون للشعر لغة خاصة تخالف تماما لغة العلم التي تحاول محو نفسها، بوصفها قصدا كي تستطيع الكشف عن مدلول ثابت أو أصل لها في الواقع المحسوس. وقال «إن مبدأ المقصدية هو الأساس الذي على ضوئه تجري التفرقة بين النص الشعري وغيره من النصوص الأخرى»، جاء ذلك في محاضرته عن «مقصدية النص الشعري بين رمزية اللغة وتوقع البلاغيين» التى ألقاها مؤخرا في «أدبي» تبوك. وأوضح العبيدان أن الرمز اللغوي يتكون في الواقع من دال ومدلول، والدال يعني الصورة السمعية، وهي عبارة عن الانطباع النفسي للصوت، أما المدلول فهو التمثيل الذهني للشيء، وهو ذو طبيعة نفسية. وأضاف أن الدال عندما اختير ليكون ممثلا للمدلول اختير بحرية تامة، أما بالنسبة للجماعة الناطقة به فإن استعمالها له مفروض عليها، ولكن الجماعة اللغوية أثناء تعاقدها على الدوال اللسانية شاءت أن تكون هذه الدوال بالحياة، وتصبح فيما بعد ميراثا وقانونا غير قابل للتغيير والإبطال، وبهذا التعاقد المستمر بين الجماعة اللغوية على دوال جديدة يتضخم الرمز اللغوي ويتنوع بتنوع الشرائح الفكرية، ويصبح هناك دوال دينية وأدبية وطبيعية وفلسفية. وأشار إلى أن الشاعر عندما يبدع نصا شعريا لا يكون في حالة غياب، وأنه ليس هناك حقيقة واحدة تجعلك تقتنع أن هذا المعنى الذي قصده الشاعر من نصه الشعري، كما أن مبدع النص الشعري لا يستحضر قواعد النحو عند إبداعه النص. وأضاف أن هذه الأدلة تزعزع في النفس إمكانية القطع بصحة المقاصد التي ينسبها البلاغيون إلى مبدعي النصوص الشعرية، وأن ما صنعه العلماء إنما هو قراءة إبداعية في نص إبداعي، وفق رؤية جديدة متولدة من رحم النص الشعري السابق، وهذه القراءة الإبداعية الجديدة تتخلق في رحمها قراءة إبداعية أخرى.