دعا مؤتمر «أثر الإرهاب على التنمية الاجتماعية» في ختام أعماله أمس بمقر جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالرياض الجهات المعنية في الدول العربية إلى دعم المشاريع التنموية والحد من البطالة ومعالجة مشكلات الشباب والاهتمام بالمعالجات الفكرية والإعلامية والمشكلات الاجتماعية، مدينا الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله وصوره أياً كانت دوافعه ومبرراته. وعد المؤتمر الذي نظمته جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب واستمر لثلاثة أيام افتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة النمساوية فيينا خطوة مهمة لإشاعة القيم الانسانية وتحقيق الأمن والسلام العالميين ووضع آلية عالمية مهمة لنشر السلام الدائم والتمسك الاجتماعي مؤكداً على أهمية دور الإعلام الاجتماعي لترسيخ المبادئ السمحة ونبذ الفكر المتطرف. ودعا المؤتمر الدول الأعضاء إلى تفعيل وتحديث الاتفاقيات والآليات العربية في مجال مكافحة الإرهاب على أن تتضمن المنظور الاجتماعي والتنموي والعمل على تنفيذها، والتركيز على بناء الاقتصاديات العربية على الاقتصاد الحقيقي القائم على الزراعة والصناعة والخدمات حتى يمكن تجاوز آثار الجريمة والقضاء على مقوماتها. كما حث المؤتمر الدول العربية والاسلامية على دعم جهود منظمة التعاون الإسلامي الرامية إلى تنفيذ قرار الأممالمتحدة رقم 16/18 بشأن مكافحة ازدراء الأديان ورموزها والتعصب الديني والتحريض على الكراهية على أساس الدين والمعتقد، داعيا الجهات المعنية للعمل على تطوير مقياس الاستقرار الأمني العربي في ضوء المتغيرات التنموية المعاصرة ودراسة المضامين الأمنية الوطنية التي تمخضت عنها المستجدات الأمنية العربية والطلب من جميع الجهات المشاركة في هذا المؤتمر والمعنية بموضوعه تزويد إدارة التنمية والسياسة الاجتماعية بالأمانة العامة لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب بما لديها من إنتاج علمي ومشاريع اجتماعية ناجحة للاستفادة من تلك التجارب والخبرات وتعميمها على الجهات المعنية بالدول العربية. وطالب المؤتمرون عبر هذه التوصيات أيضاً، بتفعيل دور الأسرة والمؤسسات التربوية لتأكيد دورها في تنشئة الأبناء وتقويم سلوكهم، وتحقيق الضبط الاجتماعي في المجتمعات العربية، وتعزيز الانتماء الوطني لدى الناشئة. وتناولت إحدى التوصيات الجانب العلمي، من خلال دعوتها ضرورة استمرار تشجيع البحوث والدراسات واللقاءات الخاصة بدراسة مظاهر التطرف والإرهاب، للوقوف على ما يستجد في مصادرها ومناهجها وأسبابها ومخاطرها ووضع الحلول الفعالة لمواجهتها والحد من آثارها. كما تبنت توصية أخرى أهمية التركيز على الإعلام الصادق والسريع لمواجهة الفكر الإرهابي، وضرورة توعية المواطنين لمواجهة مخاطر وآثار العمليات الإرهابية. ودعا المؤتمرون في توصية جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية لتنظيم ندوة حول «التغطيات الإخبارية والمعالجات الإعلامية للأحداث الإرهابية في الدول العربية». وختمت الجلسة الأخيرة توصيتها بوجوب تفعيل الآليات العربية العاملة في إطار مكافحة الإرهاب. تجارب عربية وسبق الجلسة الختامية عقد جلسة برئاسة الدكتور طارق النابلسي للاستماع إلى تجارب عدد من الدول العربية بما فيها المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب ، وحجم المعاناة التي يخلفها سواءً كانت على الصعيد الاجتماعي أو الاقتصادي أو حتى السياسي. ففي تجربة المملكة أكد الدكتور هاشم الزهراني على ريادة المملكة في حربها ضد الإرهاب وتجفيف منابعه بشهادة عالمية، عبر منهجية واستراتيجية مدروسة بعناية، وتطرق إلى مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة كواحد من جهود المملكة في هذا الجانب، وكيف استطاع هذا المركز تسجيل سابقة على مستوى العالم في التعامل مع أصحاب الفكر المتطرف، وإعادتهم لجادة الصواب ليكونوا عناصر بناءة في المجتمع، من خلال عمل مكثف شمل الجوانب الدينية والنفسية والاجتماعية والأمنية، وتبصيرهم بها. تجدر الإشارة إلى أن هذه التجربة لاقت إشادة جميع المشاركين بالمؤتمر، الذين بدورهم قدموا تجارب دولهم في محاربة الإرهاب عبر العديد من التدابير الأمنية والاجتماعية التي استطاعوا عبرها القضاء على هذا الداء في أحيان، واستباق وقوعه في أحيان أخرى، مؤكدين أن الحرب على هذه الظاهرة ستظل قائمة ، وسيبذلون جهوداً كبيرة لابتكار آليات تساعد في القضاء عليه، ولم يغفلوا ضرورة التعاون بين البلدان العربية ، عطفاً على همومهم المشتركة في الجانب السياسي والأمني والاجتماعي والاقتصادي. كما استمع الحاضرون إلى تجارب كل من الإمارات والجزائر ومصر والأردن والعراق ولبنان والسودان والمغرب في مكافحة الإرهاب. وأوضح رئيس جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور عبدالعزيز بن صقر الغامدي أن المؤتمر سيكون له دور كبير في الحد من الجريمة المنظمة ومكافحة الإرهاب في الوطن العربي مؤكداً أن الإرهاب له آثار سيئة على المجتمعات العربية تحتاج إلى معالجات تنموية واجتماعية وهذا ما ذهب إليه هذا المؤتمر. وبين أنه شارك في المؤتمر «16» دولة عربية من مختلف الوطن العربي استعرضت تجاربها في مكافحة الإرهاب وقدمت العديد من أوراق العمل الجيدة التي خرج منها المؤتمر بهذه التوصيات القيمه مؤكداً أن العمل الإرهابي ليس له علاقة بالإسلام وأن معتنقي هذا الفكر يسعون لأهداف وأيدلوجيات خاصة بهذه الجماعات التي أضرت بمصالح الشعوب التي تنتمي إليها. وأفاد الدكتور صقر الغامدي أن الجامعة نفذت في مجال مكافحة الإرهاب ما يزيد على ( 270 ) دورة تدريبية وحلقة علمية و(22) ندوة علمية و(19) دراسة علمية و ( 50 ) إصداراً علمياً محكماً و ( 70 ) رسالة ماجستير ودكتوراه و ( 90 ) محاضرة ثقافية و ( 70 ) مشاركة علمية في مؤتمرات وندوات علمية عربياً ودولياً.