يأتي افتتاح مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة النمساوية اليوم وسط تظاهرة عالمية، بمثابة الإعلان الرسمي لمأسسة المبادرة التي طرحها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، لنشر القيم الإنسانية وتعزيز التسامح والوسطية والسعي لتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لشعوب العالم، إضافة إلى تأكيد سياسة المملكة التي تدعو دائما لوقف العنف والإرهاب وفهم ثقافة الآخر وإرساء الأمن والسلم العالميين. ولن تنسى فيينا هذا الحدث التاريخي المتفرد، الذي سيساهم بقوة في تعزيز ثقافة التعايش بين الشعوب، ودعم مبادرة حوار الأديان التي انطلقت فكرتها من المملكة، ودوت أصداؤها في أرجاء العالم قاطبة، فوجدت في إسبانيا الدعم الكامل والتأييد غير المسبوق، وتوجت الجهود في نيويورك بافتتاح مركز صناعة القرار العالمي، وحظيت بالمباركة الأممية في مجلس الأمن. إن افتتاح المركز الذي يهدف لاحترام الاختلاف من خلال الحوار، وتأسيس قواسم مشتركة بين مختلف الجماعات، وتحقيق المشاركة الدينية والحضارية والمدنية بين القيادات الدينية والسياسية، في قلب إحدى العواصم الأوروبية، يشكل منعطفا مهما في تنمية العلاقات بين الشرق والغرب وتجسير الفجوة بين الإسلام والغرب، حيث إن فكرة مبادرة حوار الأديان انتقلت الآن رسميا من دائرة الرؤى الفكرية والعصف الذهني إلى دائرة التطبيق العملي. وما نأمله هو أن يحقق هذا المركز الأهداف التي أنشئ من أجلها، والعمل على طي صفحة الصراع بين الشرق والغرب واستبدالها بصفحة التآلف والتعايش ومناقشة الاختلافات بروح التفاهم والتسامح. فتأسيسه يأتي تتويجا للمبادرة التاريخية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين وأكد عليها في أكثر من مناسبة لإبراز أهمية الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ليكون بديلا للخلافات والصراعات التي تعصف بالعالم. وقد حقق المركز حتى الآن نجاحا ملحوظا تمثل في تلاقي وتوافق شخصيات دينية رفيعة المستوى في العالم تحت مظلة دول الأطراف التي ترعى تأسيسه والمكونة من المملكة العربية السعودية ومملكة إسبانيا وجمهورية النمسا. ويأتي افتتاحه بداية حقيقية لنشاط عملي وتأسيس فكري لثقافة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات. والمهم الآن تفعيل نشاط المركز لكي تتلاقح الأفكار لمناقشة الخلافات بين الشرق والغرب تحت مظلة المركز وبروح مسامحة عالية.