حول أهم سمات شعر يسلم بن علي الغنائي قال المؤرخ رياض باشراحيل المتخصص بعطاءات كبار المبدعين في شؤون وشجون الفن في حضرموت وتحديدا حسين أبو بكر المحضار: الراحل يجمع في شعره بين رقة ألفاظه وقوة مطالعه وجمال صوره الشعرية في إبداعه الذي كان كالنهر العذب الذي روى به حدائق الشعر الغنائي في جزيرة العرب، وقد تميز بإفاضته في شعر الغربة والتعبير عن الحنين إلى الوطن وفي شعر الغزل وهو شعر الحب والعشق والعواطف التي تحكم علاقة الرجل بالمرأة وتعد عاطفة الحب من أسمى العواطف الإنسانية في الحياة. لقد شرب شاعرنا من كأس المحبة أصفى شراب وذاق طعمه ونكهته وخاض بحاره وخلجانه وسهوله ووديانه فعرف خفاياه وأسراره، وفي قصيدته «شروط الحب» أبدع يسلم بن علي في رسم صورة الحب ووصف حال المحب العاشق وذله وخضوعه وما يكابده من نار الشوق وحرقة الصبابة وما يهيمن على نفسه من مشاعر الأسى والبكاء والحزن في أبيات تحس وأنت تقرؤها بنار الشوق تحرق أحشاءه ودمع الأسى يقرح أجفانه. ويبث الشاعر في قصيدته الحكم والأمثال ويستخدم فن الوصف والتشبيه وتبادل المدركات في بناء صوره الشعرية التي نجتزئ منها قوله: شروط الحب صعبة نار أولها وتاليها ومن كذب يجرب قبل يوقع في لهيب النار ولو يسكب دموعه دم ما يقدر يطفيها ولو سالت دموع العين زادت نار فوق النار ومن بيده حفر حفرة مصيره أن يقع فيها وأنا جربت حظي في الهوى قد صار لي ما صار وحول استخدامه للأمثال الشعبية وتوظيفها في قصائده الغنائية قوله: «يلومون الجمل يا صاحبي والحق عالجمال» التي شدا بها هود العيدروس وكذلك «من بكى عيال الناس لازم بايبكونه» التي غناها الفنان الراحل فيصل علوي، أما القيم الأخلاقية والإسلامية فقد تجلت في العديد من روائعه ومنها تلك التي غناها الفنان القدير علي الصقير وفيها يقول الشاعر عن خلق التسامح: قولوا لخلي مسامح مهما بقلبي جراح جبر الخواطر على الله سماح يا أهل السماح هل كرم شاعرنا في وطنه وحصل على التكريم اللائق به في حياته ؟ لم يكرم شاعرنا في وطنه بالتكريم اللائق بمكانته الفنية التي ارتقى من خلالها بالأغنية اليمنية والخليجية بل تعرض للإجحاف والتجاهل في حياته من الجهات الرسمية في وطنه ومن بعض أصدقائه من المطربين ويبدو أن هذا قدر كبار المبدعين الذين يعكفون على الاجتهاد والتميز والتفوق، فيظلمهم الباحثون عن الدنيا والوجاهة والمناصب، ولا ريب أن ذلك كله يصيب المبدع بالاستياء ويترك في نفسه كثيرا من الأسى لذا فإن شاعرنا قد عبر عن هذا المشهد وما يضفيه من مرارة في مقطوعات شعرية تقطر حسرة وألما وتشع منها الحكمة منها قوله: داوي الزمن بالزمن واصبر على ظروفك ساير زمانك وكن في الأمر والطاعة وإن قلت له يا زمن ارحم وساعدني يرميك في بير عمياء ما لها قاعة ما حد تعذب في الدنيا كما يسلم يومين بيع القلم والثالث الساعة وقبل أن تطبع ديوان شاعرنا جامعة عدن ممثلة برئيسها الدكتور عبدالعزيز بن حبتور كان الشاعر قد قدم ديوانه لصديقه وكيل محافظة شبوة أملا في طباعته وقد تعهد الوكيل بطباعته تكريما للشاعر وتقديرا لمنزلته الفنية العالية ولكن الوعود طالت والزمن يمضي والديوان لم ير النور حينذاك مما جعل الشاعر يأسى على هذا الحال ولكنه واجه الأسى بالطرافة والفكاهة فخاطب صديقه الوكيل (أحمد بن علي) مازحا قائلا له: لا تطول الميعاد يا أحمد بن علي تلقى كما الدكتور ناصر والهميس لا عطوك هرج اليوم بكره يختلف يلقون لك مبنى على حفرة ونيس وفي الأخير فإن شاعرنا يسلم بن علي قد نجح في تحقيق حلمه بأن يصبح شاعرا كبيرا وعلما فنيا تشدو بقصائده وألحانه أوتار كبار المطربين في جزيرة العرب وحناجرهم العذبة كما ساهم في بناء الأغنية ووضع بصمته في تطويرها فحصد الشاعر الكبير حب الجماهير وتقدير الناس في الشارع وساهمت أعماله في إعطاء المطربين مكانة متميزة وسيبقى الشاعر يسلم بن علي حاضرا في وجدان أمته محفورا اسمه في سجل الخالدين في تاريخ الأغنية في جزيرة العرب.