لا تزال قضية منجم قرية بلغة تشغل السكان ويعاني منها الأهالي، ومازالوا في محاولات لإيجاد حلول لإنهاء مشكلة التلوث، وآخر تلك المحاولات عندما تقدم سكان قرية «بلغة» بشكوى إلى إمارة المنطقة المدينةالمنورة ضد الشركة المشغلة لمنجم القرية، بدعوى عدم التزامها بتطبيق اشتراطات السلامة في عمليات التنقيب، وتجاهلها تركيب فلتر لكسارة المنجم، ما لوث أجواء القرية التي تقع شرق المدينةالمنورة بنحو 230 كلم، ونشر الأمراض بين الأهالي، مشيرين إلى أن المتفجرات التي تستخدمها الشركة في عمليات الحفر، نالت من مساكنهم، وأصابتها بالتصدعات. وشكا خماس البدراني من أن الشركة المشغلة لمنجم القرية تعمل دون الالتزام باشتراطات السلامة، ما لوث المنطقة بالغبار المحمل بالمواد السامة كالزئبق والزرنيخ والكروم، مشيرا إلى أن التلوث الصادر من المنجم امتد تأثيره إلى القرى المجاورة مثل النفازي والمحامة. واستاء البدراني من استخدام الشركة المواد المتفجرة في التنقيب باستمرار، ما أثر على منازل أهالي القرية وتسبب في تصدعها، مشيرا إلى أن الأهالي طلبوا في خطاب الشكوى الذي تقدموا به إلى إمارة المنطقة بتنفيذ قرار لجنة المياه بنقل آبار الشركة إلى منطقة غير مأهولة شمال المنجم، بعد أن جفت موارد المياه بسبب سحب الشركة لها من الآبار على مدار الساعة، وبقاء حفرياتهم ومشاريعهم مكشوفة وعدم ردمها بعد الانتهاء من المشروع، ما يشكل خطرا للأهالي والحيوانات. إلى ذلك أكد علي البدراني أن الشركة تخلت عن مسؤوليتها الاجتماعية تجاه السكان المحليين من خلال منع السلال الغذائية لأهالي القرية بعد تقديمهم شكوى للجهات المسؤولية، وعدم مساعدة المجتمع المحلي ومشاريع النفع العام. وألمح البدراني إلى أن معاناة الأهالي في قرية «بلغة» تفاقمت بعد تجاهل الشركة الالتزام باشتراطات السلامة وحماية السكان في عمليات التنقيب التي تؤثر على صحتهم، خصوصا أنها تستخدم مواد سامة لتنفيذ مهامها التي تؤثر سلبا وبشكل مباشر على صحة الإنسان والحيوان والنبات، مشددا على أهمية حماية الأهالي في أسرع وقت ممكن قبل تفاقم الوضع. من جهته أكد رئيس مركز «بلغة» بندر بن نايف بن راجح أن الأهالي تقدموا بشكوى ضد الشركة لإمارة المنطقة، بدعوى عدم التزامها بتركيب فلتر يخفف من التلوث في المنطقة، لافتا إلى أنه لا يمكن الإدلاء بأي تصريح والخوض في التفاصيل دون الرجوع للشؤون الإعلامية في إمارة المنطقة. بدوره، أوضح المتحدث الرسمي لشرطة منطقة المدينةالمنورة العقيد فهد عامر الغنام أن الشركات لا يمكنها تنفيذ عمليات التفجير، إلا بحضور وإشراف لجنة مشكلة من جهات عدة، من ضمنها الشرطة، مؤكدا أنه لا يمكن للشركة مخالفة الشروط وتجاهل الالتزام بالمعايير المحددة في تنفيذ عمليات التفجير. بينما، أفاد المتحدث الرسمي للدفاع المدني في منطقة المدينة العقيد خالد الجهني أنه بإمكان الأهالي المتضررين تقديم شكوى للأمانة في منطقة المدينة، لتشكيل لجنة للوقوف على المنازل التي يرى أصحابها أنها عرضة للخطر، لافتا إلى أنه بإمكان اللجنة المشكلة من قبل الأمانة والدفاع المدني وجهات أخرى الوقوف على موقع الضرر لتحديد مدى خطورة المبنى على ساكنيه. في حين أوضح أستاذ مشارك في قسم علم التربة في جامعة الملك سعود الدكتور عبدالله الفراج أنه يجب الوقوف على المنجم ومراحل عمليات التعدين فيه ودراسة القياسات الدورية له، لمعرفة تأثيراته البيئية على أهالي قرية بلغة. وقال: ولأن ذلك غير متيسر للباحثين في الجامعات والمراكز البحثية في المملكة، فإن الإجابة عن التأثيرات البيئية المحتملة للمنجم ستكون صعبة، مشددا على دراسة تجربة الشركة المالكة في منجم الذهب لمعرفة الأخطار التي تتعرض لها قرية بلغة. وذكر أن الدراسات التي أجريت في جامعة الملك سعود وغيرها كشفت تلويثا كبيرا لمنطقة مهد الذهب بالعناصر الثقيلة، وتعرض السكان المستمر لآثار الغبار الناجمة عن المنجم، لافتا إلى أن جميع مراحل استخراج الصخور الخام السطحي واستخلاص المعادن الخام وإجراء العمليات الرئيسية لإنتاج المعدن ومعالجة المخلفات السائلة والصلبة تتم في موقع المنجم، عدا الخام الذي يحوي تركيزاً أعلى من 1 جرام في الطن فينقل إلى منجم الصخيبرات. وبين أن التأثيرات المحتملة للأنشطة التعدينية في موقع منجم بلغة تكمن في أن الماء الأرضي والسطح قد يتأثر بنواتج عمليات التعدين والتعرية للرواسب المتكونة، مشيرا إلى أن عمليات الحفر وشق القنوات والأخاديد تتسبب في تدهور التربة، وتلوث الهواء سواءً بالعوالق القابلة للاستنشاق أو غازات مثل أكاسيد النيتروجين وأكاسيد الكبريت وأول أكسيد الكربون، وتلوث المياه الجوفية ونقصها، إضافة إلى الإزعاج والاهتزازات الناتجة عن استخدام المعدات الثقيلة في التكسير والحفر، وتدهور وتدمير الغطاء النباتي والحياة الفطرية.