اليمن على وشك إعلان البدء في الحوار الوطني الذي أخذ الإعداد له فنيا وسياسيا وقتا غير كاف، كون مثل هذا الموضوع المفصلي وبعد أزمات سياسية وأمنية واجتماعية وثقافية طاحنة، يحتاج إلى رحابة في الزمن لضبط إيقاعاته على مختلف المستويات بما يضمن مخرجات تعزز من الوحدة الوطنية ومن وجود الدولة وبأدوارها الإيجابية خدمة لمصالح الجميع. ويبدو أن الحوار سيكون إعادة إنتاج لما يتم تناوله إعلاميا في كتابات وأطروحات مختلف الأطراف، والمطلوب أن يكون التركيز أكثر على المعنيين بترجمة الأحاديث الصاخبة إلى مشاريع وقرارات ورؤى يتفق عليها الجميع، وبما يكفل خروج الحوار من شكله «البيزنطي» إلى مضمونه الواقعي الملم بالأحداث والضرورات الوطنية، وأحقية كل طرف في تقديم نفسه والبحث عن وجوده كرقم إيجابي ومؤثر في المعادلة الوطنية. الحوار في اليمن هو ملامسة جريئة تمضي إما في اتجاه الموت أو في اتجاه الحياة، والاعتراف بالحوار وأطرافه وأفكاره يعني أن الدولة لم يعد لها قدرات خارج هذا التوصيف الأخلاقي، وأنها لا يمكن لها أن تتراجع عن دورها الجديد في لملمة شتات الأطراف المختلفة سياسيا وفكريا، وأن تكون على مسافة واحدة منهم صونا لحضورها كدولة معنية بحماية التنوع في إطار الوحدة. إن الافتراضات المثالية لمسارات ومضامين الحوار حاضرة في الذهنية الشعبية التي تزدهر في ظل المعاناة المختلفة وبعد حراك جماهيري في اتجاه التغيير للأشخاص والمؤسسات والممارسات أيا كان طرفها. وعلينا أن نتفاءل أن الحوار في اليمن هو ظل الحكمة التاريخية لليمنيين التي لن تذهب أدراج الرياح.